فلاحو مدينة جرابلس.. رفض محصول الشعير يعني القضاء على الزراعة
كل المؤشرات الأولية تؤكد أن فلاحي القرى التابعة لمدينة جرابلس لن يروا اليوم الذي تعلن فيه الحكومة استلام موسمهم من محصول الشعير، فالمحصول مازال مكدساً فوق بعضه في مستودعاتهم الصغيرة، وهو ما يتلف أعصابهم يومياً حسرة على موسم كامل ذهب سدىً نتيجة قرار ارتجالي وخاطئ من بعض المسؤولين قضى بعدم استلام موسم الشعير منهم، وهو ما جرى مع محصول الذرة الصفراء في باقي المحافظات.
والطامة الكبرى أن جميع قرى جرابلس ومنها (بيركوسا، أم روشا، القلاط، دابس، العون، التوخار، قرف مغار...) يعتمد سكانها على زراعة الشعير بشكل كبير وبمساحات تقدر بأكثر من أربعة آلاف هكتار لتحصيل رزقهم، أما زراعة القمح في هذه القرى فهي بالمرتبة الثانية لأسباب بيئية..
وقد أكد عدد من أهالي هذه القرى لـ«قاسيون» أنه بسبب عدم استلام المحصول من جانب الدوائر الزراعية في المدينة بتوجيهات من وزارة الزراعة، فإن معظم المحصول ظل في المستودعات باستثناء كميات قليلة استطاع الفلاحون بيعها لقضاء الحاجة وتأمين بعض المستلزمات لأسرهم الفقيرة الحال.
وأكد الفلاحون خلال زيارتهم لمقر الجريدة، أن القرى المذكورة أعلاه تفتقر للكثير من الخدمات الزراعية، فحتى الجمعيات الفلاحية والوحدات الإرشادية يندر وجودها فيها، مما يعني تحكم كبار الملاكين وبعض التجار بأسعار المحصول أثناء بيعه، وهؤلاء يستغلون حاجة الفلاحين ويشترون المحصول بأسعار بخسة، ثم يبيعونها كما يريدون، وذلك بالتحكم بكميات كبيرة، ومن ثم بيعها في باقي المحافظات وخاصة لتجار منطقة الباب بحلب.
وقد أكد الأهالي أن عدم استلام المحصول وتوالي سنوات الجفاف، لعبا دوراً مهماً وكبيراً في هجرة الآلاف من الشباب إلى المدن الكبرى وتركهم مهنة الزراعة، بالإضافة إلى هجرة البعض منهم إلى الدول المجاورة (اليونان، السعودية، لبنان والعراق).
وعلى الرغم من اعتماد الفلاحين على شراء البذار من بعض الجمعيات الفلاحية الموجودة في القرى المجاورة، ومن المؤسسة العامة للبذار، فإن هذا لم يشفع لهم، وحسب الأهالي فإن المنطقة إن ظلت على وضعها فإن الهجرة ستأتي عليها كلياً، خاصة بعد قرار منع حفر الآبار الارتوازية لسقاية الأراضي الزراعية، والذي ساعد بشكل كبير في إنهاء الدورة الزراعية، والاعتماد على موسم واحد في الإنتاج.
وبما أن الشيء بالشيء يذكر، فقد أكد الأهالي أن نسبة الاهتمام من الجهات المسؤولة بهذه القرى ضعيف جداً، فهي تفتقد لأبسط الخدمات مثل عدم وجود خطوط الهاتف الثابت في القرى على الرغم من أن الأعمدة وضعت منذ أكثر من سنة دون أي تحريك في توصيل الحرارة والخطوط.
فإلى متى سيظل أهالي هذه القرى يعانون الأمرين بسبب عدم استلام محصولهم؟ وهل ستتمكن الحكومة بهذه الطريقة من تثبيت الفلاح بأرضه؟، وهل هذا أقصى ما تستطيع فعله عبر سياساتها المعلنة التي تدعي فيها اهتمامها الكبير بالزراعة، وبقاء الفلاح مرتبطاً بأرضه؟
إنها مجرد أسئلة بسيطة موجهة للحكومة، ووزارة الزراعة خاصة، التي غضت النظر كلياً عن استلام الكثير من المحاصيل، دون مراعاة ما قد ينتج عن ذلك من كوارث اجتماعية واقتصادية أوسع مما يمكن تصوره..