مسرابا بين المطرقة والسندان..
مسرابا إحدى قرى الغوطة الوادعة قبل الأزمة مثلها مثل كل الريف السوري الجميل الذي أصيب بدوامة الحرب التي لم تبق من وداعة الريف، وجماله وهدوئه شيئاً، الخراب هو السائد في كل شيء في البشر و الحجر.
وضيق الحال هو السائد لمن بقي من سكانها الذين يعيشون الآن ظروفاً أقل ما يقال فيها إنها قاهره لانعدام مقومات الحياة الطبيعية فيها، المدارس مغلقة، التنقل بين الأحياء فيها غير آمن، بسبب انتشار المسلحين في المفارق والطرقات، الذين يقتاتون على ما يحصلون عليه من خوات يفرضونها على العابرين، وما يحصلون عليه من«غنائم» مثل الكبلات الناقلة للتيار الكهربائي مع المحولات الكهربائية باعتبارها أموالاً تخص النظام كما هو سائد من مفاهيم بين حملة السلاح في تلك المناطق، لذا لا مانع من الاستيلاء عليها وبيعها في السوق، للحصول على الأموال اللازمة لاستمرار حمل السلاح دون هدف حقيقي يعبر عن مطالب محددة، أو، وجهة نظر سياسية يمكنهم من خلالها اقناع الأخرين بصحتها، وعدالتها كي تتحول هذه الفكرة أو الرأي المطروح إلى قوة تتبناها الجماهير باعتبارها تعبر عن مصالحهم وحقوقهم، ولكن ما هو سائد في هذه المناطق من قول وفعل لا يخدم مصلحة وطنية، وأهل الغوطة جميعاً لهم تاريخ وطني مشرف في حماية الثورة السورية والمساهمة الفعالـة في صفوفـها التي قاتلت الاستعمـار الفرنسي، وكل شجرة وحرش في الغوطة يشهد على بسالة المقاتلين من أجل الأستقلال وطرد المستعمر الفرنسي دون رجعـة.
في الأعوام السابقة،كانت التنمية معدومة، والبطالة منتشرة، والمهمشون كثر، والفساد الواسع أمعن في تخريب الغوطة التي هي الرئة التي تتنفس منها دمشق، وما يمكن قوله الآن حول ما يعانيه الأهالي أن الطرقات مقطعة بين القرى، ومدن الغوطة ودمشق، وكي يصل المواطن من مسرابا إلى دمشق لابد أن يجتازطريقاً وحيداً، وهو مسرابا- الشيفونية- مخيم الوافدين -عدرا- جسر بغداد-، وهذا المسار يستغرق من ثلاث إلى أربع ساعات، ولنا أن نتخيل كم سيدفع من مبالغ كأجور نقل، وخلافه في هذا الزمن الذي تشح فيه النقود بيد الفقراء، هذا جانب من المأساة اليومية للمواطنين التي تزيد أكثر مع حالات القصف من القوات النظامية،التي تتعرض لها القرى بعد كل هجوم يقوم به المسلحون.
إن السكان قد ضاقوا ذرعاً من هذا الوضع غير الإنساني الذي يعيشونه ، ويمكن التخفيف من وطأة هذا الوضع أن يبادر العاقلون منهم بإقناع المسلحين بالخروج من المناطق المأهولة بالسكان، وأن ما يقومون به من أعمال لن يؤدي إلا لمزيد من الخراب، والتدمير لمناطقهم، وأن النضال يكون ليس بالسلاح الذي أثبت فشله وعدم جدواه خلال الأزمة التي يعيشها شعبنا، ويجب أن تلعب الحكومة الدور المطلوب منها من خلال تأمين المواد الأساسية لمعيشة السكان من أجل تثبيتهم في أماكن سكناهم، وبالتعاون مع الأهالي الراغبين في الخلاص من وضعهم الحالي، والطالبيـن للأمــان الذي افتقـدوه.