الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش: تنفيذ العقاب الجماعي بحق العاملين المتعاقدين لدى مديرية صحة اللاذقية
فرصة العمل.... يا فرحة ما تمت! حالة من الحسرة و الألم اعتصرت قلوب العاملين المتعاقدين بموجب عقود سنوية مع مديرية صحة اللاذقية تنفيذاً لبرنامج تشغيل الخريجين الشباب لعام 2011.
بعد عدة سنوات من الانتظار السيزيفي الطويل للحصول على فرصة عمل ، الذين تفاجؤوا بقرار وقف إجراءات التعاقد معهم لدى مديرية صحة اللاذقية ، علماً أنه تم مؤخراً تجديد عقودهم بعقود سنوية بتاريخ 15/12/2012 بموجب قرار صادر عن مجلس الوزراء للعمل لدى مديرية صحة اللاذقية لعام 2013 .
تلقوا القرار بحسرة وألم وخوف من فقدان عملهم مصدر دخلهم الوحيد دون سابق إنذار ، ليجدوا أنفسهم وقد أصبحوا قاب قوسين أو أدنى من الانضمام والعودة مجدداً بعد فرصة عمل لم تدم طويلاً ، بدخل محدود لا يناسب مستوى المعيشة وارتفاع الأسعار المسعورة لكل شي من سكن ومواد معيشية أساسية وأجور النقل والدراسة والتطبيب.....الخ ، إلى جيش البطالة المستشري بمعدلات عالية في سورية ، خاصة والمجتمع السوري يعاني المزيد من الأزمات المتعددة في ظل الأزمة الشاملة التي تفجرت منذ سنتين .
تحميلهم وزر غيرهم.... أين الميزان من هذا ؟
القرار المجحف الذي صدر بحقهم استند إلى توصية الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش في كتابها الجديد ، الموجه إلى مدير صحة اللاذقية ، والذي أكد على الكتاب السابق الصادر عنها تحت رقم 11/167/9/4 غ.ش تاريخ 25/10/2011 المعد بنتائج تقصي وتحقيق مضمون الإخبار الغفل حول قيام مديرية صحة اللاذقية بمخالفة القوانين والأنظمة بنتائج الاختبار ، والذي خلص إلى المقترح التالي :
« دعوتكم إلى وقف إجراءات التعاقد للناجحين بموجب الاختبار الكتابي والنظري الجاري للمتقدمين للإعلان رقم 7848/1 تاريخ 10/8/2011 استناداً لقرار رئاسة مجلس الوزراء 6272/ م تاريخ 9/5/2011 المتضمن إحداث برنامج تشغيل الخريجين الشباب في الجهات العامة لحين انتهاء التحقيقات الجارية بخصوص الموضوع لدى فرعنا في اللاذقية « .
و كان جواب مديرية صحة اللاذقية حول المقترح المذكور ، الوارد في كتاب الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش المذكور أعلاه ، بموجب كتابها الموجه للهيئة تحت رقم 38 / ص تاريخ 4/3/2012 ما يلي : « أنه عندما صدر قرار النجاح للمتقدمين للاختبار عن السيد محافظ اللاذقية فإن المديرية لم تبلغ خطياً بأية دعوة لوقف التعاقد مع الناجحين في الاختبار وعليه تم التعاقد معهم بموجب عقود موقعة من قبل السيد المحافظ أصولاً وباشروا العمل لدى المديرية ورجوتم التوجيه حيال استمرار تلك العقود أو إنهائها « .
في حين أضاف الكتاب الجديد للهيئة المركزية للرقابة والتفتيش الآتي : « بعد الدراسة والتدقيق نبدي ما يلي: أثبتت التحقيقات وجود مخالفات للقوانين والأنظمة النافذة بعملية الاختبار المعلن عنها بالإعلان رقم 1 / 7848 / م ، وعدم نزاهة هذا الاختبار مما فوت فرص التعاقد على من يستحقه أصولاً وشكل خرقاً واضحاً لمبدأ تكافؤ الفرص والمساواة بين المتقدمين واختيار الأكفأ منهم للتعاقد معه . وبناء على ذلك فقد ارتأينا : التأكيد على تنفيذ المقترح المذكور « .
والملاحظ هنا أنه بإصدار مثل هذا القرار المجحف ، بغض النظر عن المبررات والأسباب التي تم الاستناد إليها لإصدارها ، تم تحميلهم ضريبة فساد المسؤولين عما ارتكب من تجاوزات وأخطاء وفساد ، كما أنه بهذا القرار تم فرض عقوبة جماعية بحقهم وبحق أسرهم دون توفر مبررات قانونية وأخلاقية لمثل هذا التصرف .
سيف القانون.... وأخذ الصالح بجريرة الطالح !!
كما يتبين من مضمون الكتب المذكورة أعلاه ، و بالتخصيص الكتاب الصادر عن الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش ، لم يتم إيضاح ما هي المستندات و الوثائق التي تثبت التجاوزات والمخالفات التي حصلت في الاختبار الذي تم بموجبه التعاقد معهم ؟
وإذا أخذنا بفرضية حصول مخالفات و تجاوزات من اللجنة المشرفة على الاختبار ، فهي تشمل أشخاصاً محددين دون غيرهم ، لكن الذي حصل بإصدار مثل هذا القرار المجحف هو استخدام لغة العقاب الجماعي بحقهم ، حتى دون أن تنتهي التحقيقات الجارية من قبلها ويثبت بالدليل القاطع من ارتكب المخالفات والتجاوزات بنتائج الاختبار .
فتلقوا القرار المجحف بحقهم وبحق أسرهم بحسرة من طالهم الظلم وسيف القانون مسلط فوق الرقاب، فيأخذ الصالح بجريرة الطالح ، ولكنهم لم يقفوا مكتوفي الأيدي أمام هذا القرار المجحف ، اجتمعوا وتضامنوا واتفقوا على التظلم والاعتراض لدى الجهة الإدارية المسؤولة بعريضة تظلم موقعة من أغلبهم ، يطالبونها برفع الظلم عنهم وإعادة النظر في هذا القرار المجحف غير المدروس .
صبر أيوب نفد....فهل من مجيب؟
كما اتفقوا على الاستمرار بالذهاب إلى وظائفهم والتواجد على رأس عملهم وعدم تركها مهما كانت الأسباب ، وأداء أعمالهم الموكلة إليهم بموجب العقود الموقعة بينهم وبين المديرية دون تقاعس أو إهمال والالتزام بعقودهم الموقعة في ظل إبلاغهم من المديرية بإيقاف تقاضيهم أجورهم اعتباراً من الشهر الأول من العام الحالي / 2013 م/ ، رغم حاجتهم وحاجة أسرهم الماسة لهذه الأجور بحدها الأدنى .
فكان التظلم الموقع منهم ، الذي تقدموا به إلى مدير صحة اللاذقية الذي حوله بدوره إلى محافظ اللاذقية ، ليرفع بعد ذلك بكتاب رسمي إلى رئاسة مجلس الوزراء للنظر في تظلمهم المرفوع ، كل ذلك تقيداً ، من جانب الجهات الإدارية العامة ، بالروتين الوظيفي في كيفية إرسال الكتب و النظر و معالجة المشاكل الوظيفية الطارئة التي تأخذ وقتاً طويلاً ، دون مراعاة للظروف والأوضاع المادية القاسية للعاملين المتظلمين من القرار المجحف بحقهم وحق أسرهم ، من حيث حاجتهم الماسة لفرصة العمل وراتبها المحدود الذي لا يتناسب البتة مع الارتفاع الجنوني لمستويات المعيشة في سورية . فهل من مجيب ؟