السوريون يلتمسون الدفء في الحطب... وأسعاره تشتعل ارتفاعاً
العودة إلى زمن مدافئ الحطب، اتجاه لم يكن اختيارياً للعائلات السورية، بل إجباري بسبب المعاناة الحقيقية من قلة توفر مازوت التدفئة، على الأقل بسعره النظامي.
وتضاعف سعره عدة مرات في السوق السوداء، وخاصة مع عدم حصول معظم العائلات على مخصصاتها من المازوت رغم الوعود بتأمينه.
ومع سوء الوضع الاقتصادي والمعاشي للأسرة السورية نتيجة ظروف وعوامل باتت أكثر من معروفة، أصبح تأمين مازوت التدفئة خارج الحسابات، وبالتالي تحولت مدافئ الحطب رغم مضارها الصحية إلى ملاذ آمن إن صح التعبير..
طن الحطب بالسعر الحر 15 ألف ليرة
وبما أن تجار الأزمات لا بد أن يثبتوا وجودهم في كل منفذ قد يجده المواطن، فقد لاقت تجارة الحطب مستغليها الذين انقضوا على الغابات والحراج ليقتطعوا ما فيها ويبيعوه بالسعر الذي يرغبون، إضافة إلى ارتفاع سعر مدافئ الحطب مقارنة بالعام الماضي بسبب الإقبال الشديد عليها.
ويباع طن الحطب بأسعار مضاعفة عن تسعيرة وزارة الزراعة، فوصل سعره وسطياً بين 15 - 25 ألف ليرة سورية، بالتالي أصبحت تدفئة المنزل لمدة خمس ساعِِات، تكلف ما لا يقل عن 150 ليرة يومياً.
مدافئ الحطب أسعارها حسب ميزاتها
ووصل سعر مدفأة الحطب من الحجم الصغير صناعة محلية صاج عادي بسعر 800 ل س وسطياً، وكان سعرها الموسم الماضي 500 ل س، بينما سعر الحجم الأكبر نوع جيد صاج فونط بسعر بين 3000 ل س إلى 4000 ل س، وتوجد في الأسواق مدافئ حطب على شاكلة المازوت، مزودة بألواح فخارية تباع بسعر بين 3500 ل س و4500 ل س حسب الحجم والنوع، إضافة لوجود مدافئ مستوردة من لبنان مصنوعة من الحديد تباع الصغيرة بسعر 3000 إلى 3500 ل س، بينما يصل سعر الكبيرة الحجم إلى 8000 ل س وهي مزودة بفرن و(تيربو) هواء، علماً أن المدافئ الكبيرة تحتاج لمساحات واسعة، ولا تصلح الأنواع جميعها للمنازل المغلقة بسبب تسريبها للدخان والروائح وصعوبة التحكم بدرجة حرارتها.
كما بدأت بعض المحلات بتقديم ميزة لمدافئ المازوت، بتحويلها إلى مدافئ حطب، وهو ما يتطلب تزويدها بمحرك هواء لزوم الاشتعال، فضلاً عن انتشار أشكال وأحجام مختلفة لمدافئ الحطب، حسب الطلب ومكان استخدامها
تخريب الغابات
ومن جهتها وزارة الزراعة بينت على لسان مدير الحراج فيها جمال عكاش أنه «نظراً للظروف الراهنة التي يمر بها القطر من نقص في مواد التدفئة، دفع ذلك إلى تعدي بعض ضعاف النفوس على الغابات لاستخدام أخشابها وأحطابها في التدفئة، مسببين خراباً للغابات وتخريباً للغطاء النباتي والتنوع الحيوي الموجود في الغابات».
تسعيرة نظامية
وتابع عكاش إن «تجار الأزمات يستفيدون من خلال رفع أسعار الحطب لأرقام خيالية، لذا قامت وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي بوضع تسعيرة نظامية لبيع أحطاب الصنوبريات والكينا والكازورينا والسنديانيات، الناتجة عن عمل مشروع التربية والتنمية في كل محافظات القطر».
وحسب القرار رقم (303) الصادر عن وزير الزراعة بتاريخ 5/ 12/ 2011 تم تحديد سعر طن حطب الصنوبريات بـ1900 ليرة سورية، وطن حطب الكينا والكازورينا بـ1500 ل.س، وطن حطب السنديانيات بـ3500 ل.س.
2 طن حطب لكل عائلة
ولفت عكاش إلى أنه «أرسلت التعليمات الناظمة لعمليات البيع لمديريات الزراعة بالمحافظات، والمحافظين لاستصدار قرارات تشكيل اللجان المختصة بالبيع، حيث تم السماح ببيع الأحطاب الناتجة عن عمليات التربية والتنمية وفق مايلي: العائلات التي تقيم جوار الغابات بمعدل 2 طن لكل عائلة على البطاقة العائلية ولمرة واحدة، و100 كغ من الفحم إن وجد وفق أولوية السكان الأكثر فقراً والأرامل والأيتام، وذلك بحضر اللجنة المشكلة من المحافظين وفعاليات المجتمع المحلي في القرى الحراجية، كما يتم توزيع ناتج عمليات التربية والتنمية (الأغصان التي قطرها أقل من 3 سم) على سكان القرى الحراجية المحتاجين مجاناً».
وبخصوص الاعتداءات الحاصلة، بين مدير الحراج أنه «تم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق الذين قاموا بالاعتداء على الغابات، من قبل الضابطة الحراجية بالمحافظات وتنظيم الضبوط وتحويلهم للقضاء المختص، فضلاً عن مصادرة الآليات الموجودة معهم أثناء الاعتداء».
إحصائيات الخسائر غير متوفرة
وحول حجم الخسائر الناتجة عن عمليات الاحتطاب غير المشروعة، أجاب عكاش إنه «لا توجد حالياً إحصائيات تبين حجم الخسائر، وذلك بسبب عدم قدرة الضابطة الحراجية في كل المحافظات للوصول إلى كل المناطق التي تحدث فيها التعديات بسبب الظروف الأمنية، إضافة إلى أن الفصل المطري لم ينته حتى نتمكن من حصر الخسائر كاملة».
ولفت عكاش إلى أن «قطع الأشجار أمر محصور بوزارة الزراعة في كل مكان، وأي شجرة تقطع دون موافقة مسبقة تعتبر مخالفة، إضافة إلى أنه هناك تحديد لأنواع الأشجار المسموح بقطعها للاستفادة من أخشابها وأحطابها، لكن ما يحصل حالياً تجاوز حتى هذا التصنيف بسبب الفوضى».
وتنتشر المناطق الحراجية في كل المحافظات السورية، وتبلغ مساحتها الإجمالية 511693 ألف هكتار.