الحكومة.. والمازوت!

الحكومة.. والمازوت!

 نفى وزير النفط والثروة المعدنية سفيان العلاو وجود نية حكومية لرفع أسعار مادة المازوت خلال الموسم الحالي، ولكنه لم ينف وجود هذه النية بعد انقضائه، فقد أشار في تصريح متلفز إلى أن دراسات تجري حالياً لبحث الآليات والسبل التي سيتم من خلالها رفع سعر المازوت مستقبلاً، وسيكون ذلك مبرراً حسب قوله بـ«ضرورة الوصول إلى سعر التكلفة والأسعار العالمية وفي الوقت نفسه تعويض المواطنين بفارق السعر»، وطبعاً لم ينس الوزير الإشارة إلى الحجة القاطعة حين قال: «لا يمكن أن نسمح لثروتنا وأموالنا أن تهرّب إلى الخارج»!.

وبغض النظر عن الآليات القادمة التي تطرق الوزير في تصريحه إلى جانب منها، يبدو أن الحكومة ما تزال تضع «نقرها» من «نقر» المازوت، وستبقى كذلك حتى تقلب عالي البلاد واطيها، متجاهلةً أن مجرد تفوهها بكلمات بسيطة عن المازوت أصبح أمراً يثير حفيظة المجتمع السوري الذي يعايش بـ«معيّة» الحكومات المتلاحقة، أوضاعاً اقتصاديةً متردية، تزداد سوءاً يوماً بعد آخر.

صحيح أن الحلول لمشكلات حوامل الطاقة ووقود التدفئة لم تصبح واضحة المعالم بعد في أذهان كثيرين، ولكن الأوضاع التي تمر بها البلاد تدفع إلى المطالبة بإخراج الرؤوس من الحفر ومواجهة المشكلات مواجهةً شجاعة، ولعل أنجع طريقة للتغلب على «قصص» المازوت المتكررة هي البحث في تطوير المنشآت النفطية الوطنية وإنشاء منشآت جديدة، طبعاً بعد أن يُتّخذ القرار بقطف ثمار النفط السوري بعضلات وعقول السوريين، وبما يخدم مصالحهم ويحقق الاستقلال الطاقوي كداعم إضافي للاستقلال السياسي والسيادي.

إن تأميم قطاع النفط، أو معظمه، وضخ الأموال في تطوير منشآت التكرير، سيكون حلاً مركباً لا شك، وقد يتطلب خطوات جريئة يصعب التنبؤ بآثارها، ولكنه رغم ذلك قد يكون الحل الوحيد للخروج من مآزق المازوت المتكررة، بما يخفف عن المواطنين ويعفيهم من «تبييت الاستخارات» كلما نطقت الحكومة كلمةً بخصوص الوقود الذي يحرك محاريث زراعتهم، ومسننات صناعتهم، ومحركات تنقلاتهم.. بل ويبعث الدفء في زوايا بيوتهم التي شارفت على فقدان الدفء!.

فهل تستطيع الأزمة الحالية إخراج الحكومة من مربع تفكيرها الضيق المقتصر على التبرير والتسويف والوعيد.. إلى مربع العمل ولو «من فم ساكت»؟!.