المؤتمرات الفلاحية بدير الزور.. تزايد الخوف من مستقبل زراعي غامض!
على الرغم من أن إحدى عشرة جمعية لم تنجح حتى الآن في عقد مؤتمراتها.. سينعقد قريباً المؤتمر العام لفلاحي محافظة دير الزور بعد أنهت معظم الجمعيات ورابطتا البوكمال والميادين مؤتمراتها.
وقد كانت نهاية المطاف يوم 11/1 مع رابطة دير الزور، وهي الأكبر، إذ تضم خمسين ألف وسبعمائة وسبعين فلاحاً في 138 جمعيةً، وتغطي مساحةً تمتد من قرية الطوب نهاية خط موحسن شرقي المدينة، إلى معدان على أطراف محافظة الرقة. وقد حضرمؤتمرها نحو 1200 فلاح لم تتسع لهم قاعة المركز الثقافي فاضطر كثير منهم للبقاء في الخارج.. ولعل الغائب الأكبر هو جمعية موحسن التي تضم أكثر 2400 فلاح وهي من أكبر الجمعيات في المحافظة مساحةً وعدداً، وهذا مدعاة للتساؤل عن أسباب ذلك..؟
وفي العموم، غاب عن المؤتمرات الفلاحية أهم القضايا الحساسة من بينها مناقشة السياسة الاقتصادية وتحديداً الزراعية منها وانعكاساتها، والخطط الزراعية ومدى تنفيذها ونتائجها ومن المسؤول عن قصورها وأسبابه وطرق معالجته.
وأيضاً ندرت مناقشة التقارير المقدمة باستثناءات قليلة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة.
لكن ما يلفت الانتباه في مؤتمر رابطة دير الزور قضيتان، الأولى الإقبال الكبير على الترشيح في الانتخابات، حيث بلغ عدد المرشحين 46 مرشحاً انسحب منهم اثنان لمقاعد مجلسها الـ19، وكذلك خمسة مرشحين لشغل مقاعد لجنة المراقبة الثلاثة. والثانية:إشارة تقرير مكتب الرابطة إلى العدد الكبير من العقبات والصعوبات التي تعترض العمل وصلت إلى (29) عقبة، طالب بها كتوصيات ومقترحات وأغلبها متكرر منذ سنوات لأن الفلاحين باتوا لا يقدرون على الدفاع عن حقوقهم ، وهي في الحقيقة معرقلاتوجرائم بحق الزراعة والفلاحين والوطن والشعب..
وقد جرت بعض المطالبات منها:
الفلاح إبراهيم عبد الحنان من جمعية العبد قال إن الخطة تساوي الشريحة الأولى بالثانية، والقطن بالسوق السوداء بسبعين ليرة والدولة تأخذه منّا بخمسٍ وثلاثين. أما أحمد الحسين من جمعية الحصين فطالب بدعم القمح.
رئيس جمعية الصومعي أكد أن مركز الأعلاف لا يوجد فيه شيء من شهر..
قراءة في التقارير
ربط تقرير مكتب المتابعة التنسيب لاتحاد الفلاحين بالتنسيب لحزب البعث، وإجرائه للمسح السياسي.. واتضح فيه اقتصار الندوات السياسية والثقافية على المناسبات وإهمال الثقافية منها، أما الجولات البالغة 277 والزيارات 370 فقد احتج الفلاح سالمالحمدان من جمعية الشجيري بقوله لم نر أحداً ومصير الجمعيات التي لم تعقد مؤتمراتها وعددها خمس هو تشكيل لجان تدير أعمالها..
وأكد التقرير الاقتصادي أن نسبة مساحة الأراضي الصالحة للزراعة لم تزدد، وثلثها تقريباً أي 67733 دونم من أصل 440693 لم تستثمر، وكذلك قلة الأراضي المشجرة البالغة 2101 دونم فقط، والأراضي المزروعة فصة 1350 دون بيان الأسباب رغموجود الثروة الحيوانية الكبيرة.. بينما نحن بحاجةٍ لكل شبر من الأرض..
في مستلزمات الإنتاج: أشار التقرير إلى نقص المقنن السمادي، ونتائجه ظهرت على الفلاحين.. لكن في الخطط الزراعية لم تبين نسب التنفيذ؟ وفي المكافحة جرت مكافحة القمح على نفقة الفلاحين..؟ والقطن لم تجر مكافحته من مصلحة الوقاية لأنّ الإصابة لمتصل إلى العتبة الاقتصادية.. بينما الوقائع وتدني الإنتاج تبينان عكس ذلك؟ وفي التسويق التعاوني بين الجدول عدم تسويق الذرة الصفراء في السنتين الأخيرتين والشوندر في السنة الماضية، ولم يبين السبب وهو رفض الحكومة استلام الذرة وبذار الشوندرالمستوردة والمستبدلة الفاسدة، ولا نتائجها على الفلاحين وحقهم في التعويض عن خسائرهم..
في الإحصاء: أشار إلى تأخر وصول نتائج إحصاء الثروة الحيوانية مع كونها غير دقيقة، وهذا أثر على خطط الجمعيات، وانعكس سلباً على استجرار الأعلاف من المؤسسة وفروعها، وإنّ تطوير هذه الثروة يتطلب توفير الأعلاف بأسعار مناسبة ومواصفاتمطلوبة مع زيادة قيمة المادة الغذائية.
في الهندسة الريفية: تبين من التقرير قلة عدد المحركات الكهربائية 38 من أصل 510، ولم يشر إلى أنّ ذلك سيرفع نسبة الكلفة نتيجة ارتفاع سعر المازوت مع المطالبة بتحويل البقية إلى الكهرباء.
العقبات والصعوبات
العقبات في الحقيقة هي ليست كذلك فقط، وإنما هي جرائم ترتكب بحق الزراعة والفلاحين والشعب والوطن وباتت تحتاج إلى حلول جذرية تبدأ بتغيير السياسة الاقتصادية الاجتماعية، ومحاسبة القائمين عليها. ويلاحظ أنّ 21 من أصل 29 عقبة تبدأ بجملة «عدموجود..»، وهذا يؤكد الوقائع.. ولكثرتها نجملها وندمج بعضها:
1 – عدم تثبيت منسوب نهر الفرات، وخاصةً أثناء زراعة المحصول الصيفي، وعدم العناية بالطرق الزراعية، وعدم إنشاء السدود السطحية والترخيص للآبار الارتوازية في البادية.
2 - عدم تعميم بذار القطن على كافة الجمعيات، وعدم إعفاء الفلاحين من رسوم عداد المياه، والجمعيات من رسوم الطابع والرسوم المالية حسب القانون 21، وأصبحت كلفة الترخيص السنوي على سرير النهر2500 ليرة، وعدم إدخال مساحات جديدة ضمنقطاع الري، وعدم استكمال مشاريع استصلاح الأراضي في خطي الجزيرة والشامية، وعدم الإسراع في بتنفيذ مشاريع الري في القطاع السادس، وعدم صرف تعويضات الفلاحين، وزيادة تعويضات مرور سكة الحديد بأراضيهم.
3 – عدم إقامة صندوق ضمان للكوارث (وهذه قضية مهمة وضرورية)، وعدم استلام محصول الذرة وارتفاع فواتير الكهرباء للجمعيات وزيادة سعر المازوت وتأخير صرف فواتير الأقطان سبب عزوف الفلاحين عن الزراعة.
4 – عدم إعفاء الجمعيات من فوائد قروض الأعلاف، وقلة المقنن العلفي وارتفاع أسعار العلف وضرورة رفع معدل نمو الأغنام 12%.
5 – عدم العمل على وقف المخططات التنظيمية، وعدم تجفيف المستنقعات، وعدم إدخال مساحات جديدة في الأراضي الزراعية.
6 – عدم تخصيص رواتب لرؤساء الجمعيات وأمناء الصناديق، وحرمان الفنيين والمهندسين المفروزين للمنظمة من طبيعة العمل وتعويضات اللباس وبقية المزايا.
وقد صيغ كل ذلك كمطالب.. قسم كثير منها يتكرر لكن لا حياة لمن تنادي.. ولا شك أن ما ذكرناه يهدف إلى مساندة التنظيم الفلاحي لممارسة دوره الحقيقي في الدفاع عن حقوق الفلاحين ومكتسباتهم التي تتآكل بسرعة ولتحقيق تنمية زراعية توفر الأمن الغذائيوتدعم صمود الوطن وخاصةً أننا بلد زراعي من فجر التاريخ، وقد أصبح لا بديل سوى ترحيل هذه السياسة الاقتصادية الاجتماعية والقائمين عليها ومنفذيها ولا بديل عن الاشتراكية لمواجهة الرأسمالية المتوحشة وليبرالييها مصاصي الدماء.