الفقر ينخر النسيج الاجتماعي الإيطالي
وتجري إيطاليا انتخابات عامة في الرابع من آذار (مارس) المقبل، وعلى رغم تركز جانب كبير من حملات الدعاية على قضية الهجرة، تشير استطلاعات الرأي إلى أن الناخبين «أشد قلقاً بشأن الاقتصاد الذي لم يتخلص حتى الآن من آثار أزمة 2008 المالية».
وتصر الحكومة على أن «أسوأ ما جلبته الأزمة قد انقضى»، مشيرة إلى «تحقيق نمو فصلي للمرة الـ14 على التوالي، لكن كثراً من الإيطاليين لم يشعروا بعد بفوائد هذا التحسن، ما يفسّر سبب تراجع الحزب الديموقراطي الحاكم، الذي يمثل يسار الوسط في استطلاعات الرأي.
ولا يزال حجم الاقتصاد الإيطالي أقل بنسبة ستة في المئة مما كان عليه بداية 2008، بفعل مجموعة من المشاكل القديمة مثل جبل الديْن العام الضخم والبطء المزمن الذي يعاني منه النظام القضائي والبيروقراطية الخانقة.
وفي المقابل نما الناتج في منطقة اليورو التي تضم 19 دولة بنسبة خمسة في المئة، خلال فترة السنوات العشر ذاتها.
ودفع هذا الأداء الاقتصادي الضعيف بملايين الإيطاليين إلى صفوف الفقر وغذى الاستياء الاجتماعي وصعود الأحزاب الشعبوية المناهضة لمؤسسات الحكم، مثل الرابطة اليمينية المتطرفة المناهضة للهجرة وحركة النجوم الخمسة.
وارتفع عدد الإيطاليين المعرضين للفقر بأكثر من ثلاثة ملايين منذ العام 2008 بحسب بيانات وكالة الإحصاءات الأوروبية (يوروستات)، فيما يمثل أكبر زيادة في أي من دول الاتحاد الأوروبي. وعلى النقيض تحسنت أحوال 3.3 مليون بولندي وخرجوا من صفوف الفقراء.
وتبين أحدث بيانات مكتب الإحصاءات الإيطالي (إستات)، أن عدد الإيطاليين الذين يعيشون في فقر مدقع «ارتفع إلى 4.7 مليون في 2016، أي أنه ارتفع إلى ثلاثة أمثاله في عشر سنوات. وتعرّف الدولة الفقر المدقع، بأنه «عدم امتلاك ما يكفي من المال لشراء مجموعة معينة مع السلع والخدمات». ويبلغ معدل البطالة في إيطاليا 10.8 في المئة بزيادة أربع نقاط مئوية عنه في 2008، في حين يرتفع في الجنوب إلى نحو 18.3 في المئة بزيادة 7.2 نقطة في عشر سنوات. ويزيد معدل البطالة بين الشبان في الجنوب إلى 46.6 في المئة بارتفاع 13 نقطة عنه في 2008.
وأدى ازدياد الفقر ونقص الفرص الاقتصادية إلى ارتفاع الهجرة للخارج. إذ زاد عدد الإيطاليين المقيمين في الخارج رسمياً بنسبة 60 في المئة، من ثلاثة ملايين إلى نحو خمسة ملايين بين عامي 2006 و2017. وتعتقد مؤسسة المهاجرين التي تراقب حركة الهجرة، أن «العدد الحقيقي أكبر من ذلك بكثير».
وانعكس انعدام الثقة في المستقبل في انخفاض نسبة المواليد في إيطاليا بشدة. وتبين أحدث الإحصاءات أن «عدد المولودين في 2016 بلغ 373075 طفلاً بانخفاض 22 في المئة عن 2008.
ولا تقدم إيطاليا رعاية اجتماعية للشبان، إذ تنفق أربعة في المئة فقط من حجم الإنفاق الاجتماعي على مَن هم دون سن الأربعين و77.2 في المئة على من تزيد أعمارهم على 65 عاماً.
ولهذا السبب يلعب أصحاب معاشات التقاعد في أحيان كثيرة دوراً حيوياً في الإنفاق على الأسر.