كشوف الحسابات الكبرى.. وسيلة تحديد المتعثرين

كشوف الحسابات الكبرى.. وسيلة تحديد المتعثرين

يتداول اليوم وبشكل واسع موضوع قروض المتعثرين لدى اللجنة الاقتصادية ومع وزارة المالية والجهات الاقتصادية العديدة المتعثرة غير القادرة على سداد ديونها العائدة بشكل رئيسي للمصارف العامة، .

فالتناقض الكبير بين سيولة المصارف العامة، وبين الظروف الاقتصادية التي قد لا تسمح لهذه الفعاليات الاقتصادية بإتمام عمليات الدفع تجعل من هذه المسألة مسألة حساسة، تفتح على ضرورة تمايز الدولة في التعامل مع هذه الجهات.. لان أي توجه نحو الإعفاءات يقدم له جملة من المبررات الاقتصادية الموضوعية، قد يخبئ الكثير من التساهل مع جهات تستفيد من «المرونة» الحكومية «المفرطة» مع الفاعلين الاقتصاديين الكبار..
فالمتعثرون اليوم يتفاوتون بين تجار وبين صناعيين وبين رجال أعمال من العاملين في قطاع السياحة، ويتراوحون أيضاً بين متعثرين بنتيجة خسائر مباشرة في نتيجة الأزمة وبين من امتنعوا عن السداد وأعلنوا عن عدم قدرتهم قبل أن تتدهور الأوضاع الاقتصادية، وأبعد من ذلك بعض «المتعثرين» من المقترضين الذين حصلوا على القروض من الدولة ومن أموال المودعين فيها، يمتلكون في حساباتهم الخارجية ما يثبت عدم تعثرهم لا بل فرط نشاطهم الاقتصادي..
لذلك فإن التمييز بين هؤلاء ضرورة، وأكثر من ذلك هو فرصة حيث على الحكومة أن تتخلص من «احترامها المفرط» لسرية حسابات هؤلاء وأن تحصل على كشوفات بكل حساباتهم الداخلية والخارجية منها ليتم بناء عليها تقدير مدى تعثرهم، وأن يرتبط عدم الكشف بإجراءات شديدة تصل حدود مصادرة الممتلكات العينية الموجودة..
فإذا كانت ظروف الأزمة تدفع الحكومة إلى التساهل مع المتضررين «ومسامحتهم» بجزء من المال العام، فعليها أيضاً انطلاقاً من ظروف الأزمة أن تشدد على هؤلاء وتخترق الإجراءات التقليدية نحو دراسة حقيقية لكل حالة على حدة ليختلف التعامل مع التجار ورجال الأعمال في قطاع الخدمات، عن الصناعيين المتضررين، وبين الصناعيين الذين أخرجوا أموالاً أثرت على رفع مستويات الاستثمار في دول مجاورة كمصر والأردن وشكلت رقماً مهماً وظاهرة ملحوظة، وبين من بقي منهم يحاول العمل في الظروف القاسية للواقع السوري، أو من لم يعد قادراً على العمل..
إن حصول الفعاليات الاقتصادية على تسوية لقروضها المتعثرة يجب أن يرتبط اليوم بكشوفات حساباتها الخارجية، لمعرفة مستوى التعثر، وبالتالي حجم التسوية المطلوبة، حيث لن يمانع  المتعثرين الحقيقيين هذا الإجراء، ليمتنع فقط «المناورون» منهم، وبذلك تتحول عملية رفض الكشف إلى إدانة تسمح بمصادرة الممتلكات إلى حين بيان المعلومات
قراءة 15 مرات