ويستمر الحصار على أهالي حي «الحميدية»
مهند الحميدي مهند الحميدي

ويستمر الحصار على أهالي حي «الحميدية»

تستمر معاناة أهالي حي «الحميدية» التاريخي شمال مدينة حمص السورية لينالوا نصيبهم من الأزمة الوطنية الشاملة جوعاً وبرداً وقتلاً وتشرداً وتخريباً في الممتلكات العامة والخاصة وصعوبة في تأمين المتطلبات المعيشية لحياتهم اليومية.

ونتيجة الحصار الخانق المفروض على الحي منذ أكثر من سنة ونصف لجأ الأهالي تحت وقع الأزمة إلى استخدام مادة «البرغل» بشكل رئيسي للطعام بسبب النقص الشديد في الخبز ومادة الطحين، بالإضافة إلى النقص في المواد الغذائية الأساسية، والأدوية، والحليب، والغاز، والمحروقات؛ ما يزيد معاناتهم اليومية مع بدء فصل الشتاء ببرده القارس في حمص.
ومع استمرار هذه المعاناة يتخوف الأهالي من نقص مادة البرغل أو فقدانه ما سيزيد حالات الجوع وما يترتب عليها من مشاكل صحية مزمنة في الأشهر القادمة، إذ أن النقص في إحدى المواد لا يتم تعويضه وهو ما سيخلق أزمة في الأمن الغذائي.
ويُصرّ من تبقى من الأهالي على البقاء والعيش في الحي- الذي كان يقطنه قبل الأزمة حوالي 80 ألف مواطن- رغم الحصار الخانق والموت المتربص بهم وغياب الأمن والاستقرار، اصراراً منهم على عدم ترك بيوتهم وممتلكاتهم خوفاً من سرقتها ووقوعهم في شرك التشرد والنزوح ومآسيها.
ورغم معاناة الأهالي منذ أكثر من عام ونصف لا ينال حيهم المنكوب نصيباً من الإعلام الرسمي للإضاءة على ما يعانونه من آثار الأزمة، كما لا ينالهم اهتمام الحكومة ومؤسساتها المختلفة في تأمين مختلف الخدمات الصحية والمعيشية والأمنية، لتبقى تصريحاتها الرسمية على وسائل الإعلام مجرد «وعود المعسولة» حتى إشعار آخر.
ورغم ما تقدم ذكره يستمر من تبقى من الأهالي في التعاضد ومساعدة بعضهم البعض- والكلام هنا لأحد الوجوه الاجتماعية المستنيرة من أبناء الحميدية- «بقدر الإمكان نحب أن نحافظ على هذا الفسيفساء، ونجد مكاناً أميناً لكنوزنا التراثية، نقترب أكثر فأكثر من بعضنا البعض في ديرنا أو في بيوتنا، لا يهيمن الحزن على لقاءاتنا بل نوع من الفرح بسبب وجود روح التآخي». وأضاف «يشارك كل واحد الآخر بحوادث حياته ونشجع ونعزي بعضنا البعض، لم نتعذب بعد من البرد لكن الشتاء على الباب، أصبحت التدفئة ضرورية، ولا نجد بسهولة الوسائل بسبب عدم وجود الغاز والكهرباء والمازوت وقلة الحطب، نقف أمام مرحلة جديدة ونتمنى عبورها مثلما عبرنا المراحل الماضية».
في حين تقوم شخصيات عامة ورجال دين من أبناء الحي بدور كبير في محاولة تقريب وجهات النظر بين الأطراف السورية المتنازعة، ومشاركتهم في حل بعض النزاعات والقضايا الإشكالية، ودورهم في المصالحة الوطنية لرأب الشرخ الذي تركته الأزمة في البلاد.
يُذكر أن حي الحميدية التاريخي يمثل قيمة دينية لمسيحيي الشرق ويمتد على مساحة 1 كلم2 تقريباً؛ ويضم 10 كنائس، ويقيم في الحي المنكوب أربعة أساقفة.