في سورية أموات أحياء.. والقانون يكتفي بشهادتين ليثبت الوفاة

في سورية أموات أحياء.. والقانون يكتفي بشهادتين ليثبت الوفاة

دفعت الحرب المستمرة لأكثر من خمس سنوات، بعض الناس للبحث عن سبل مختلفة لتأمين لقمة عيشهم، ومصادر قد يكون بعضها غير شرعي، في ظل انحسار الموارد المادية وعدم كفايتها في أغلب الأحيان، وخاصة مع الغلاء المستمر وغير المتناسب مع الوضع الاقتصادي للشريحة العظمى من المواطنين.

مرونة أم ثغرة

تحول القانون في بعض جوانبه، إلى سيف ذي حدين، فالأوضاع الحالية تتطلب مرونة واستثنائية في بعض القوانين، لتيسير الأمور، وتحديداً تلك المتعلقة منها بالحياة اليومية والأمور التي باتت مكررة بشدة، في حين فتحت الثغرات القانونية المجال أمام بعض الجشعين، وأحيانا المضطرين لاستغلالها بشكل غير شرعي.

ومع ازدياد حالات الوفاة في البلاد كنتيجة مباشرة وغير مباشرة للصراع، بات من الضروري توفير طرق ميسرة لاستخراج بيان وفاة للمضي بمعاملات الدفن وحصر الإرث، وما يليها من خطوات تختلف وفقاً لكل حالة، إلا أن إتاحة القانون توفية الأشخاص اعتماداً على شهادتين، كانت ثغرة دفعت البعض لتوفية أقاربهم طمعاً بالتركة، الأمر الذي أكد حدوثه القاضي الشرعي الأول في دمشق محمود المعراوي.

حي يرزق في الواقع وميت بالسجلات

وقال المعراوي لجريدة (قاسيون)، «جاء شخص إلى المحكمة ليثبت أنه حي يرزق، بعد أن علم أنه تم توفيته، وعند النظر بإضبارته تبين أن هناك بيان وفاة، وطلبنا منه التحقق ممن قام بهذا».

وتابع القاضي الشرعي إن أولاد عم الشخص (س)، قاموا بتوفيته بغرض الاستئثار بتركة ابن عمهم الآخر (ع)، حيث يجب أن يكون الشخص (س) متوفياً قبل موت المؤرث (ع)، حتى تنتقل التركة لهم بحسب القانون، منوهاً إلى أنهم رفعوا دعوى توفية وسجلوا الواقعة في السجل المدني.

أثبت أنك على قيد الحياة

وحول ما يجب أن يفعله الشخص في حال واجه مثل هذه الحالة، قال المعراوي: «يجب على من يتعرض لمثل هذه الحالة، رفع دعوى ترقين واقعة وفاته، وأن يرفع دعوى تعديل حصر الإرث ويلاحق أولاد عمه بتهمة التزوير».

وفيما يخص طرق إثبات الوفاة في هذه الظروف وأهمية توفر تقرير مشفى يؤكد الواقعة، أفاد المعراوي، إنه «في هذه الظروف من الصعوبة توفر تقرير مشفى، خاصة في المناطق المحاصرة أو الساخنة، لذلك يكتفى بأن يأتي شاهدان إثنان لإثبات الوفاة حسب قانون البينات».

إن لم تره ميتاً .. السمع يكفي!

وتابع معراوي «تقبل شهادة إثنين سمعوا ممن رأوه متوفياً، أو سمعوا ممن دفنوه، أو سمعوا ممن غسلوه أو أسعفوه، لإثبات الوفاة».

وأكد معراوي: إن «قانون البينات متعارف عليه في العالم كله ومبادئه عالمية، والوفاة واقعة مادية تقبل فيها الشهادة»، لافتاً إلى أن المشكلة تكمن بشهود الزور بمن يحلفون يميناً كاذباً على المصحف، وهؤلاء عقوبتهم كبيرة رادعة.

من غاب أربع سنوات 

أو بلغ 80 مفقوداً.. فهو ميت

وحول المدة المحددة في القانون ليعتبر الشخص بموجبها ميتاً، قال القاضي الشرعي الأول في دمشق، إن القانون ميز حالتين، أولهما الفقدان في الحالات العادية، وهذه تتم مع إثبات بلوغ المفقود سن الثمانين ليعتبر ميتاً، حيث يتقدم أهله أو من له مصلحة بتوفيته بدعوى تثبت حالة الفقدان وبدايتها وعمر المفقود.

وثاني حالة ميزها القانون، هي الحالات الاستثنائية التي يرد فيها الهلاك، والأزمة في البلاد من ضمن تلك الحالات، فاذا فقد شخص لمدة أربع سنوات، يمكن لأي أحد أن يتقدم بدعوى لاعتباره ميتاً، وتستمع المحكمة لشاهدين إثنين، وتتأكد من منطقة الفقدان، أنه يجري فيها أعمال ينتج عنها وفيات وإصابات، شرط أن يكون الفقدان مستمراً لحين رفع الدعوى، فتحكم المحكمة باعتبار المفقود ميتاً، وفقاً للمعراوي.

يشار إلى أن 17 حالة تم رصدها لأشخاص سجلوا في الدولة على أساس أنهم متوفون، وزوجاتهم تزوجن من أشخاص آخرين، وبعد تثبيت زواجهن تبين أنهم على قيد الحياة، ومعظم تلك الحالات كانت عبر إخبار الزوجة من مناطق ساخنة أن زوجها توفي ودفن في تلك المناطق.

وليست هذه الثغرة الوحيدة في القوانين التي أدت الأزمة في البلاد، إلى ظهور حالات استغلال لها، حيث سبق ونشرت (قاسيون) عن مشاكل في القانون تتعلق بإثبات الزواج للمهاجرين وحالات زواج فوق زواج، ما أدى لتعدد أزواج المرأة الواحدة، وسط خوف ضياع النسب وحقوقها وحقوق أطفالها..