المعرفة سلاح للعمال أيضاَ

المعرفة سلاح للعمال أيضاَ

 

أحد القرارات الهامة التي صدرت عن المؤتمر الـ26 لنقابات العمال هو إنشاء مركز دراسات وبحوث عمالية، يكون المرجع الأساسي في تقديم الدراسات الاقتصادية المطلوبة، وما يطرأ على الطبقة العاملة من تحولات وتبدلات تسهم في رسم وصياغة السياسات، التي تخدم مصلحة الطبقة العاملة، والتي يمكن أن يستند إليها الاتحاد العام، وكل المهتمين بالشأن النقابي والعمالي في دفاعهم عن مصالح وحقوق الطبقة العاملة السورية.

دأبت الحكومات السابقة، وحذت حذوها الحكومة الحالية، في تبني مقولة إعادة هيكلة الطبقة العاملة، بالإضافة لإعادة هيكلة القطاع العام، والقضيتان مترابطتان، من حيث التوجهات الحكومية في ملائمة الظروف المختلفة، بما يخدم السياسات الاقتصادية الليبرالية، وإزالة كل ما يعيق تقدمها المتسارع بالفترة الأخيرة، من خلال إصدار التشريعات والمراسيم، وطرح العديد من المطارح الاقتصادية السيادية للاستثمار الخاص. 

وستنال الطبقة العاملة، وبالضرورة، مع هذا التوجه نصيبها من ذلك، خاصةً وأن تغيرات هامه قد طرأت على تركيبة الطبقة العاملة السورية، خلال الأزمة الوطنية كماً ونوعاً، بسبب خروج الكثير من المعامل في القطاع العام من الخدمة، وكذلك في القطاع الخاص، حيث جرى إغلاق للمعامل ونقلها إلى خارج سورية، والجزء الآخر من الصناعات تم تحويلها إلى مراكز تجارية، والقليل منها استمر بالإنتاج، ولكن بصعوبة بالغه. مما أدى إلى تشريد مئات الألوف من العمال، واتخاذهم سبلاً مختلفة في بحثهم عن عمل آخر، سواء بتغيير مهنهم إلى مهن أخرى، أو بالتوجه نحو الهجرة إلى الخارج، والكل يعلم حجم المعاناة التي تعرض لها العمال في رحلاتهم المحفوفة بالمخاطر والموت، في الوقت الذي لم تسع الحكومة إلى إيجاد بدائل حقيقية للعمال، لتحافظ فيها على هذه الثروة البشرية، التي تملك خبرات في الصناعة، والإنتاج، وسنحتاج إلى سنوات مديدة لتعويضها، وإلى مبالغ طائلة يتم صرفها على إعادة التأهيل والتدريب.
أمام هذا الواقع، نؤكد على أهمية إنجاز مركز البحوث والدراسات العمالية ليجعل الحركة النقابية هي المبادرة في تقديم المعلومة الصحيحة، والدراسات المنطلقة من مصالح الطبقة العاملة الوطنية، والتي تسهم في التخطيط الضروري للعمالة في الاقتصاد الوطني، بما يخدم الموقف العمالي الطبقي المعبر عن مصلحة أغلبية الشعب السوري، في أن يكون هناك اقتصاد يلبي الاحتياجات الأساسية لفقراء الشعب السوري، ويلعب دوراً مهماً في حل الأزمات التي خلقتها السياسات الليبرالية، بدلاً من الدراسات الحالية المقدمة من جهات مختلفة، والتي لها موقف معادٍ لحقوق العمال ومصالحهم تُحمل فيها الطبقة العاملة السورية، مسؤولية تدهور الوضع الاقتصادي، بما فيه الواقع الإنتاجي بمقولات شتى، أسخفها مقولة: أن (أجور العمال تشكل عبئاً كبيراً على ميزانية الدولة) أو أن (عمال القطاع العام لا يعملون إلا  لنصف ساعة يومياً) كما يزعم مروجو تلك السياسات!.