إجراءات حكومية ضعيفة في مواجهة تجار الحسكة
تشهد محافظة الحسكة ارتفاعاً جنونياً للأسعار يشمل كافة المواد لاسيما الغذائية والدوائية، حيث يسيطر التجار على الأسواق بشكل شبه كامل بالتوازي مع إجراءات حكومية ضعيفة، لا تستطيع إيقاف ارتفاع أسعار بضائعهم عند حد معين، ولا يلمس سكان المحافظة تأثيرها على أرض الواقع.
ورغم أن ارتفاع الأسعار يشمل كل البلاد التي دخلت أزمتها المتفاقمة عامها الخامس قبل أيام، إلا أن تعدد الخيارات في محافظة الحسكة يجعل من الغلاء الفاحش في الأسواق غير مبرر، ويطرح تساؤلاً عن مدى جدية المسؤولين بالحسكة في وضع حد لفوضى الأسعار وارتفاعها، والتي يدفع ثمنها المواطن الذي استنفذ كل الحلول.
وبين تنظيم ضبط تمويني بحق أحد المحلات هنا، أو مخالفة معتمد توزيع خبز هناك، يبقى ارتفاع الأسعار في صدارة هموم سكان مدن وبلدات المحافظة والنازحين إليها من المناطق الساخنة، في ظل استقرار أمني تنعم به غالبية المحافظة باستثناء بعض مناطق الريف الجنوبي والجنوبي الغربي.
سلاح غير فعال
أعلن فرع المؤسسة العامة للخزن والتسويق في الحسكة الأسبوع الماضي عن تخفيض أسعار عدد من المواد الغذائية بنسبة تتراوح بين 8 و45%، بينها رب البندورة والتونا والمرتديلا والسمنة والمربيات والرز وحليب الأطفال، بهدف خلق نوع من المنافسة وكسر احتكار بعض التجار لأسعار المواد الغذائية الموجودة في السوق المحلية.
ويعد قرار تخفيض الأسعار واحداً من الإجراءات الحكومية القليلة وغير الفاعلة لضبط الأسواق، لا سيما وأن مبيعات فرع مؤسسة الخزن في الحسكة لم تتجاوز 20 مليون ليرة خلال شهر شباط الماضي، وهو رقم تتجاوزه مبيعات تاجر واحد من تجار المحافظة الذين انتعشت تجارتهم بشكل كبير في سنوات الأزمة.
ولا تعني أرقام مؤسسة الخزن المتواضعة أن أسواق الحسكة تعيش ركوداً اقتصادياً، بقدر ما تعني خروج المؤسسة الحكومية التي لم تنجح طوال عقود في جذب المستهلك إليها من السوق، لصالح تجار القطاع الخاص الذين يغرقون الأسواق ببضائعهم المختلفة وأسعارها المرتبطة بالدولار.
حلول بديلة
يواجه المسؤولون في المحافظة كل الانتقادات الموجهة إلى عملهم بالحديث عن الأزمة السورية وتداعياتها وصعوبة النقل عبر الطرق البرية واستهداف الشاحنات التي تنقل بضائع لمؤسسات الدولة، وغيرها من التبريرات التي لا يبدو أنها تشمل القطاع الخاص وتجاره.
ويقول عدد من التجار الذين التقتهم «قاسيون» إن أسواق الحسكة تشهد انتعاشاً كبيراً بسبب توفر معروض كبير من البضائع التي تصل عبر ثلاثة طرق رئيسية، الأول: من دمشق وباقي المحافظات، والثاني: من إقليم شمال العراق (كردستان) عبر معبر «سيمالكا» الحدودي، والثالث: من تركيا من خلال أكثر من معبر، إضافة لحركة تصدير مقبولة عبر تلك الطرق.
ويستطيع المسؤولون في المحافظة أن يعيدوا لمؤسسات الدولة هيبتها في الأسواق إذا ما توفرت الإرادة الصادقة لديهم، وتجاوزوا روتين العمل، وذلك عبر زيادة إمكانيات مديرية التجارة هناك والسماح لها باستيراد المواد عبر المعابر المختلفة هناك وذلك بعد التنسيق للمركز، ما يجعل مديرية التجارة هي مستورد رئيسي للمواد، ويجبر التجار على تخفيض أسعارهم، بدل الاكتفاء بتنظيم بعض الضبوط التموينية التي تجد لها مكاناً بارزاً في وسائل الإعلام الرسمية ولا توفر لجيب المواطن قرشاً واحداً.
إن العمل على حلول مرنة تزيد من وزن القطاع العام هو ضرورة ملحة في واقع الأزمة التي تتطلب العمل بطرق مبتكرة يتم من خلالها تجاوز الحصار أو تقطع الطرق البرية، وقد أثبتت نجاحها أكثر من مرة خلال سنوات الأزمة.