التلاعب بالمصطلحات.. مشكلة الكتب المدرسية في الحسكة

التلاعب بالمصطلحات.. مشكلة الكتب المدرسية في الحسكة

تحيد وسائل الإعلام الرسمية في كثير من الأحيان،عن دورها الرئيسي،في كشف القصور بأداء الجهاز الحكومي من دون مبرر وتقوم بالتغطية على هذا التقصير بعدة طرق، بينها التلاعب بالمصطلحات، ليبدو كل شيء على مايرام.

في أحدث تقارير وكالة الأنباء الرسمية (سانا) عن أزمة نقص الكتب المدرسية الحادة في الحسكة، لجأت الوكالة التي تشكل المصدر الرئيسي للأخبار المحلية، إلى استخدام مصطلحات تشوش على القارئ بدل أن توضح له تفاصيل المشكلة.

وتقول «سانا» إن نحو 32 طناً من الكتب المدرسية وصلت إلى الحسكة الأسبوع الماضي عبر مطار القامشلي، إضافة لسبعة أطنان أخرى وصلت قبلها بأيام، ليتم توزيعها على مدارس المحافظة التي تتجاوز الـ 2500 مدرسة.

ورغم أن الدفعتين تشكلان 39 طناً من الكتب، إضافة إلى أطنان أخرى منها وصلت تباعاً في الشهرين الماضيين إلى المحافظة، إلا أن الأزمة مازالت قائمة، خاصةً عند الاستعانة بأرقام ووحدات مفهومة للقارئ، مثل عدد الكتب التي وصلت وليس وزنها.

وتقول الأرقام الرسمية إن كل ماوصل للمحافظة منذ بدء العام الدراسي الحالي، يبلغ 1.340 مليون كتاب، إضافة لنحو 445 ألف كتاب كانت موجودة في مخازن مؤسسة المطبوعات المدرسية بالحسكة قبل بدء العام الدراسي ليصبح مجموعها 1.785 مليون كتاب.

 

حاجة المحافظة ثلاثة أضعاف..

تبلغ حاجة المحافظة من الكتب المدرسية للعام الدراسي الحالي بحسب مؤسسة المطبوعات نحو 4.041 مليون كتاب مدرسي، منها 3.851 مليون كتاب لمرحلة التعليم الأساسي و190 ألف كتاب للمرحلة الثانوية، ليصبح النقص الفعلي حالياً 2.256 مليون كتاب.

وإذا كانت وكالة الأنباء الرسمية تتجنب الخوض في التفاصيل، وتكتفي بنقل البيانات والأرقام، تاركة للصحف الرسمية والتلفزيون والإذاعة، شرح أبعاد أزمة نقص الكتب وأسبابها، فإنها مطالبة على الأقل بالوضوح فيما تقدمه من بيانات، ولاسيما أن كثير من تلك الصحف تنشر ما تقدمه «سانا» دون أية إضافة.

ويتناسى القائمون على وسائل الإعلام الرسمية، أن التستر أو التلاعب أو الحياد عن الحقيقة والواقع، في قضايا الناس، سيدفعهم للبحث عن بديل إعلامي آخر ينقل لهم صورة واضحة لمشكلة يعيشونها، حتى لو وضعها هذا البديل في إطار غير حقيقي يرتبط بأجندة معينة.

 

تساؤلات مشروعة..؟

تبقى التساؤلات المشروعة التي تتجنب وسائل الإعلام الرسمية الإجابة عنها، قائمة لحد الآن، حول من المسؤول عن هذه الأزمة المجانية، التي تعانيها مدارس المحافظة، والتي تمتلك مطاراً وطائرة شحن عملاقة ونشيطة جداً عندما تنقل بضائع التجار..؟

ولماذا لم تبدأ مؤسسة المطبوعات بنقل الكتب إلى الحسكة، قبل أشهر من بدء العام الدراسي، طالما أنها تعرف أنّ النقص كبير في عدد الكتب التي تحتاجها الحسكة، رغم علمها باستحالة أو صعوبة إرسال الكتب بالطرق البرية..؟

وهل يتم توزيع الكتب بنزاهة، أم أن هناك دفعات تخصص لمناطق ريفية غير خاضعة لسيطرة الدولة، ومدارسها شبه مغلقة، لتجد طريقها إلى المكتبات الخاصة التي تبيعها للأهالي، الذين لا يستطيعون ربط تعليم أبنائهم بوعود المسؤولين..؟

المشكلة مازالت قائمة، رغم أن الفصل الدراسي الأول يشارف على الانتهاء، ولن يغير التلاعب بالمصطلحات والتستر على التقصير الحكومي من واقع الحال شيئاً، لتبقى حالة اليأس عنواناً لنظرة الأهالي إلى كثير من المسؤولين الحكوميين الذين وجدوا في الأزمة السورية مبرراً لتقصيرهم..!!