بطل الطميمة.. والحراك الشعبي
ما أن بدأ ابني «مير» الوقوف على قدميه، وهو مازال في عامه الأول حاملاً قنينة الحليب (فهو يعمل على الحليب ولا يهمه إذا كان سعر المازوت تم خفضه حكومياً)، أدركت بأن الحراك الشعبي لن يتوقف.
فكما أن ولدي يبتكر يومياً طرقاً جديدة لجذب من حوله، يبتكر القائمون بهذا الحراك أشكالاً إبداعيةً تحفظ لهم استمرارهم، وكلاهما مستمر في حراكه وفي تعلم المشي، وكلاهما يهدف إلى متابعة السير حتى النهاية، لأن العودة إلى الوراء التي تعني لـ«مير» حبل المشيمة، قد تعني لـ«المتحركين» حبلاً آخر، وفي الحالتين هناك مخالفة للقوانين الطبيعية للتطور والحياة، وكما يصح بمطابقة قانون الديالكتيك على طفلي الذي أدى التراكم الكمي عنده إلى تطور نوعي، وهو إقدامه على المشي، فإن التراكم الكمي لدى هذا الحراك الشعبي الواسع كاف ليستمر ويسير نحو تطور نوعي فيه من الإصلاحات ما يجب أن يصبح واقعاً حقيقياً إن عاجلاً أم آجلاً.
أما كيف سيتم إقناع الأطراف جميعاً بأن اللحظة التاريخية اليوم باتت واقعية، ولا يمكن تجاوزها؟ فهذا هو بيت القصيد!
يمكن أن تكون البداية الحقيقية في وقف مسلسل التخوين في جميع الوسائل الإعلامية، للتمهيد إلى حوار وطني شامل لا يستثني أحداً، وكفانا تلك الروايات سيئة التأليف والإخراج التي تشبه اللعبة الأمريكية التي أنتجت «بن لادن» وأفلتته في صحارى أفغانستان ليصبح فيما بعد بطل «الطميمة» الأول في العالم، وإذا كان الشعب الأمريكي تحت تأثير كذبته الإعلامية صدق رواية بطل الطميمة الصنديد، فإن الشعب السوري يعرف بعضه جيداً، ولا يصدق سوى رواية واحدةً مفادها أن هناك ظروفاً ذاتيةً وموضوعيةً فرضت وتفرض علينا جميعاً السير في الإصلاح الشامل تحت سقف الوطن... وسورية لكل السوريين شاء من شاء وأبى من أبى.