في المشفى الوطنيّ بالسويداء: تجاوزات وتزوير وحرّاس وهميون و«مناوبات بالعافية»
بناءً على شكاوى شفهية مقدمة من العاملين في المشفى الوطنيّ في السويداء بحق قسم الإسعاف المركزيّ، ومطبخ المشفى ودائرة الجاهزيّة في مديرية الصحة، زارت «قاسيون» مشفى السويداء الوطنيّ والتقت الكادر التمريضيّ الموجود في إحدى المناوبات للوقوف من كثب على جميع الأوضاع.
يبلغ عدد المناوبين في هذه الوردية ستة عمال، وقد أوضحوا أن مناوبتهم تمتد من الساعة الثامنة صباحاً وحتى الثامنة صباحاً من اليوم التاليّ، بمعدل ستة عناصر لكل مناوبة يقع على كاهلهم استقبال عشرات المرضى، وتقديم العلاج اللازم، وأن المشفى الوطنيّ يعتبر اليوم مشفى ميدانياً في ظل ظروف الأزمة التي تعيشها البلاد وتداعياتها الأمنيّة والعسكريّة، وهو يستقبل بشكل شبه يوميّ كل الحالات الإسعافية القادمة من المنطقة الشرقية من محافظة درعا، الأمر الذي شكّل أعباءً إضافيّة على المناوبين في ظل قلة كادر التمريض، وعدم اعتماد مبدأ الورديّات كباقيّ المشافيّ على امتداد البلد، إضافةً للإبقاء على عدد كبير من عناصر التمريض في الدوام الصباحيّ الإداريّ حصراَ، علماً أن المناوبات قبل سنوات كانت تضم تسعةِ مناوبين على الأقل، وتبدأ المناوبة من الساعة الثالثة ظهراً وحتى الثامنة صباحاً من اليوم التاليّ.
فئران وصراصير
قدم العاملون اقتراحات للمدير الإداريّ في المشفى الوطنيّ مراتٍ عدّة، تضمنت زيادة أعداد المناوبين، أو بدء المناوبة من الساعة الثالثة ظهراً، وإعادة جميع الممرضين المفرزين بأعمال إدارية. وأكد الممرضون العاملون أن جميع مقترحاتهم ومطالبهم لم تؤخذ بعين الاعتبار من المدير الإداريّ، رغم حالة الطوارئ والضغط الشديد على المشفى الوطنيّ.. كما طالبوا بغرف مخصصة نظيفة ومؤمنة بالتدفئة للممرضين، في ظل تعطل التدفئة المركزيّة أو عدم تشغيلها إلا ساعتين أو ثلاثة في اليوم، ناهيك عن انتشار الفئران والصراصير بشكل كثيف.
التقت «قاسيون» مجموعة من حراس المشفى الوطنيّ والبالغ عددهم حواليّ 100 حارس وفق الجداول المنظمة لدى دائرة الجاهزيّة في مديريّة الصحة بالسويداء. والذين أبدوا عن استغرابهم من ورود أسماء في جداول مناوبة عناصر الحرس، وهي غير موجودة على رأس الخدمة أصلاً، وأسماؤهم ترد في الجداول فقط دون دوام حقيقيّ، وأيضاً هناك عناصر من الحرس هي في الحقيقة مثبتة بشكل دائم في مستودع الهوالك التابعة لمديرية الصحة، وآخرون عقودهم كمستخدمين وليس كحرَاس، وهذه الظاهرة منتشرة بشكل كبير في المشفى الوطنيّ، إذ يزاول عدد من المستخدمين أعمال إداريّة خلف المكاتب على عكس ما تنص عقود تشغيلهم.
تحرّش ونقل
وخلال زيارة «قاسيون» غرف الحراسة تبيَّن أنها غير مجهزة بالأسرة الكافية ولا تتوفر فيها مدافئ، وبحال وجودها لاتتوفر مادة المازوت، ويتم الاعتماد على مدافئ كهربائية صغيرة ربما تكفي لإعداد إبريق الشاي لكنها لا تقي برد الشتاء، ووفق وصف بعض الحراس أن رئيس الحرس في حالة انعدام في التوازن بشكل دائم أثناء الدوام لتعاطيه المفرط للمشروبات الكحوليّة، إضافة لبعض التجاوزات الأخلاقية لدى بعض مشرفيّ الحرس، ومؤخراً تم نقل أحد مشرفيّ الحرس إلى مشفى قرية «سالة» إثر شكوى تحرش قدمت ضده.
وفيما يخص عمال المطبخ الذين التقت معهم «قاسيون» أكدوا بدورهم أن مسؤول المطبخ خريج مدرسة فندقية تم تشغيله بالمطبخ فوق عقود الشباب لمصلحة مشفى قرية «سالة»، لكن لم يلتحق بعمله رغم افتتاح مشفى «سالة»، ويضيف العمال أن جميع المواد التي تشترى للمطبخ موجودة ضمن برادات مفاتيحها بحوزة مسؤول المطبخ فقط، ولا يمكن لأيَّ من الطهاة معرفة الموجودات من مواد وما مدى جهوزية البرادات، والمسؤول عن مراقبة تلك الموجودات المدير الإداريّ ذاته. وضمن المطبخ يوجد 15 طاهياً، موزعين على ثلاثة أيام مناوبة في كل منها 5 طهاة ومعهم مستخدم واحد، مايخلق مشكلة حقيقية في الحفاظ على نظافة المطبخ والأدوات، إضافة للمشكلة الكبيرة في انتشار الصراصير والفئران في أرجاء المطبخ كاملةً، رغم رش المبيدات الحشريّة والأدويّة اللازمة لكن يعتقد العاملون أن المواد منتهية الصلاحية.
شفط الحصص
ويضيف عمال المطبخ أن التقسيم الإداريّ في المشفى غائب واقعياً، وعلى سبيل المثال لا الحصر مسؤول الطبالة، الذي هو ممرض في المشفى، يعطي التوجيهات لتوزيع الحصص الغذائية للمرضى النزلاء في المشفى، رغم أنه من المفترض مكلف بشراء المواد اللازمة للمطبخ وليس توزيع الحصص. وأكد أحد الطهاة أن المريض الذي يدخل بعد الساعة الثالثة ظهراً لاتصرف له حصة غذائية إلا بعد يومين، وهو مخالف للقوانين العامة. وأيضاً فإن هناك إشكالية دائمة في توزيع الحصص الغذائية وكمياتها، وخصوصاً الحصص الإضافية التي تصرف من الوزارة في الأعياد، إذ هناك دوماً نقص وتلاعب في تلك الحصص كما حصل في عيد الأضحى الأخير فيما يتعلق بحصص الحلو الموزعة على المرضى والممرضين، ما أدى لإشكالية مع ممرضيّ مشفى «شهبا» الذين هددوا بتقديم شكوى للرقابة والتفتيش. وهذه المشاكل تتكرر بشكل مستمر، وتضر مباشرة بمصلحة وتغذية المرضى والممرضين، ولايمكن تقييمها بشكل دقيق كون المسؤول عن البرادات هو مسؤول المطبخ، والمسؤول عن مراقبة تلك الموجودات هو المدير الإداريّ.
جريدة «قاسيون» تضم صوتها لصوت العاملين في مشفى السويداء الوطنيّ ومديرية الصحة بالسويداء، ونطالب الجهات المعنية ملاحقة كل هذه الشكاوى والتعامل معها لحلها لا تسويفها، وتحقيق مصالح هؤلاء العمال بالسرعة القصوى لما في ذلك من حفظ لمصلحة المواطن عموماً وخاصة في قطاع حساس كالقطاع الصحيّ.