صيام البقر.. الإجباري!
أصدرت وزارة الزراعة «المنصرفة» تعليمات إلى مديرياتها والدوائر البيطرية التابعة ومؤسسة الأعلاف عام 2010 وما قبل، وذلك للقيام بحملة التحصين (أي التلقيح)، وكل المواشي التي يتم تحصينها يحق للمربي أن يستجر مادة العلف لها من مؤسسة الأعلاف، أما الأبقار والأغنام التي لم تحصن فليس لها استحقاق من الأعلاف من تلك المؤسسة، فقد تناست وزارة الزراعة ومؤسسة الأعلاف أن هناك أعداداً كبيرةً من المواشي لدى المربين لا يمكن تحصينها،
إما لأسباب عرضية أو لوجود حمل، وخاصة في الأبقار، وذلك خوفاً من حالات الإجهاض وهو ما يجعل المربي يعتذر عن تحصين الأبقار بدافع الحيطة، ولذلك كتب على هذه النسبة التي لم تلقح الصيام عن مخصصاتها من علف مؤسسة الأعلاف لأكثر من سنة وليس (لأيام معدودات).
وقد لجأ المربون إلى شراء العلف من السوق السوداء وسوق جهنم الحمراء التي يملكها تجار الأعلاف المدعومين من السماء، والقسم الكبير من هذه الأعلاف التي بحوزتهم هو من إنتاج المؤسسة العامة للأعلاف لكنها بأسعار سياحية، ويباع كيلو غرام العلف المركب للأبقار الحلوب بعشرين ليرة سورية، وكيلو غرام التبن بعشر ليرات سورية، ناهيك عن تبعات ذلك من مياه شرب وأدوية وخدمة. بالمقابل يباع كيلو الحليب ما بين /10 ـ 13/ ليرة سورية وإذا كانت البقرة تحلب /25كغ/ حليباً فإن متوسط الإنتاج لن يزيد على /300/ ليرة سورية، أما الكلفة فهي /15/ كغ علف سعرها /300/ ليرة... فهل هذا عقاب موجه للفلاح أم للمواشي؟!.
نعم هذه هي إحدى النكبات التي تعرضت لها الثروة الحيوانية وما زالت تتعرض لها إلى يومنا هذا، وتصدر وفق قرارات فردية ومازالت المواشي تتعرض للذبح العشوائي والجفاف وقلة العلف والفساد المستشري في عملية التعداد الماضي وارتفاع أسعار المواد العلفية لدى التجار ،والإهمال المتعمد أحياناً، ناهيك عن ارتفاع أسعار الأدوية البيطرية الفاحش، والذي يؤخذ من السوق السوداء غير الخاضعة للرقابة من مديرية الزراعة بالرقة وبالمحافظات الأخرى، مع العلم أن معظم محال بيع الأدوية عائدة إلى عاملين كانوا يعملون في مديرية زراعة الرقة، وقسم منهم مازال يعمل فيها.. وغير ذلك من عدم الاهتمام وتأمين الخدمات اللازمة لمربي الثروة الحيوانية سواء في الأرياف أو الذين يتواجدون في البادية الجرداء ويحلمون بشربة ماء بارد في حر الصيف، كل هذا يجري في ظل السياسات الحكومية الليبرالية التي جعلت من الزراعة عقاباً للفلاح ولم تعمل يوماً على خدمة هذا القطاع بقدر ما عملت على إرهاقه.
إننا في «قاسيون» نطالب وزارة الزراعة الجديدة بالاهتمام بحياة الأخوة الفلاحين والاهتمام بالثروة الحيوانية وإعطائها مستحقاتها من المواد العلفية التي تكفيها بشكل فعلي، وبأسرع وقت ممكن، لتلافي وتصحيح الأخطاء السابقة وإيجاد صيغة وأسلوب لإحصاء الثروة الحيوانية من جديد، خلافاً لما قامت به اللجان السابقة وبعيداً عن كل الفساد والوساطات والمحسوبيات التي قد تحصل.