بروباغندا «بيع الأذرع الإيرانية» تنهار: لننتقل إذاً نحو «الخطة ب»!

بروباغندا «بيع الأذرع الإيرانية» تنهار: لننتقل إذاً نحو «الخطة ب»!

يشهد الصراع القائم في المنطقة، وبخاصة المواجهة بين إيران والكيان الصهيوني، تبايناً في الطروحات الإعلامية التي لا تزال تحاول، بعضُها، توجيه الرأي العام بطرق مختلفة تهدف إلى تحوير الحقائق حول هذا الصراع ومحاولة إضعاف الثقة في جوهره وأطرافه. ومع مرور الوقت، تظهر استراتيجيات إعلامية متغيرة تتبناها ماكينات الإعلام الدائرة في فلك الغرب، والتي تحاول قلب الحقائق وتشويه الأهداف الحقيقية للصراع الدائر.

من «المسرحية» إلى «بيع الأذرع»

في البداية، سعت بعض وسائل الإعلام إلى تصوير الصراع بين إيران والكيان الصهيوني وكأنه «مسرحية» تُدار بالاتفاق بين الطرفين، حيث صُوّرت بعض العمليات والهجمات المتبادلة، كضرب القنصلية الإيرانية في دمشق والرد الإيراني عليها، على أنها تحركات منسّقة لإيهام شعوب المنطقة بأن هناك مواجهة حقيقية، بينما يتم الترويج سراً لفكرة أن الجانبين يسعيان لتحقيق مكاسب من وراء هذا «الصراع المفترض».

كان الهدف من هذا الطرح واضحاً؛ إذ أرادت هذه القوى الإعلامية نشر الشكوك حول نوايا إيران والتشكيك في التزامها بدعم المقاومة الفلسطينية واللبنانية، وتحديداً حماس وحزب الله، باعتبارهما «أذرعاً استراتيجية» تتبناها إيران.

غير أن تلك الأطروحة لم تدم طويلاً، إذ سرعان ما تراجع الإعلام عنها، وبدأ بترويج فكرة جديدة مفادها أن إيران «تخلت عن أذرعها العسكرية» وباعتهم. وهذا الاتهام أتى بعد عمليات استهداف قيادات بارزة في المقاومة، مثل اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس، إسماعيل هنية، والأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله.

والهدف من هذا الطرح كان الإيحاء بأن إيران «مستعدة للتضحية بحلفائها الإقليميين» لتحقيق مصالحها الخاصة، وبهذا الترويج سعت وسائل الإعلام الغربية إلى زعزعة الثقة بين إيران وحلفائها، وإضعاف العلاقة بين المقاومة والشعوب الداعمة لها.

«الخطة ب»: الصراع موجود لكن «تحت رعاية الولايات المتحدة»

مع التصاعد التدريجي للمواجهة في المنطقة، وخصوصاً بعد الضربة الإيرانية الأخيرة (في الأول من أكتوبر 2024) التي استهدفت أهدافاً عسكرية للكيان الصهيوني، وجدت بعض وسائل الإعلام نفسها مضطرة لتغيير خطابها مرة أخرى. فقد تخلت عن أقاويل «المسرحية» و«بيع الأذرع» التي أثبتت فشلها في التأثير، واتجهت نحو الإقرار بأن الصراع قائم بين إيران والكيان الصهيوني، ولكنه خاضع لتأثير الولايات المتحدة التي تدير فعلياً الصراع بين الطرفين بما يخدم مصالحها في المنطقة.

هذا الطرح الجديد هدفه الأساسي هو تمييع الصراع وتشتيت انتباه الرأي العام، عبر تصويره كصراع تابع للسياسات الأمريكية وليس كصراع وجودي قائم بين شعوب المنطقة والمشروع الأمريكي الصهيوني. بهذا، تسعى هذه الماكينات الإعلامية إلى إعادة صياغة الصراع بحيث يبدو مجرد تنافسٍ إقليمي تقوده أطراف متناحرة، بينما الولايات المتحدة تقف في موقع الحكم القادر على التوفيق بين هذه الأطراف.

رغم هذه المحاولات المتكررة، يثبت الواقع الميداني يوماً بعد يوم فشل هذه الطروحات في التأثير على وعي شعوب المنطقة وإضعاف دعمها للمقاومة. فالصراع المستمر، وتطور قدرات المقاومة، وصمود الأطراف الداعمة لها، تُظهر بجلاء أن كل المحاولات الإعلامية التي روجت لفكرة «المسرحية» ثم «بيع الأذرع» قد باءت بالفشل، وعلى هذا النحو ستصل محاولات اليوم لتصوير الصراع كصراع تسيطر عليه الولايات المتحدة إلى طريق مسدود أيضاً.