«الجمعية العامة» في 20 يوم: خسائر بالجملة للولايات المتحدة والكيان!
كان من الواضح أن الموقف من حرب الكيان الصهيوني على قطاع غزة أصبحت نقطة استقطاب على المستوى العالمي، لكن يبدو من خلال تطور الأحداث أن تغيرات ملحوظة تجري على مواقف دول كثيرة حتى بالرغم من النشاط الأمريكي والصهيوني الكثيف لحشد الرأي العام الرسمي، ويمكن من خلال مقارنة بسيطة بين جلستين للجمعية العامة الخروج ببعض الاستنتاجات العريضة حول المسألة.
عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اجتماعين بتاريخ 27 تشرين الثاني، و12 كانون الأول، وأقرت بالإجماع قرارين حول ضرورة فرض هدنة ووقف لإطلاق النار بسبب الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة.
أرقام ودلالات
صوّتت 120 دولة لصالح القرار في جلسة تشرين الثاني، في مقابل رفض 14 دولة، فيما امتنعت 45 دولة عن التصويت، وكان من المتوقع أن تكون الأرقام متقاربة في الجلسة التي عقدت في كانون الأول، نظراً إلى أن المدة بين الجلستين لم تتجاوز العشرين يوماً، ولم يختلف مضمون القرار الجديد بشكلٍ كبير عن القرار السابق، لكن مع ذلك جاءت النتائج مختلفة كثيراً، إذ صوتت 153 دولة لصالح القرار بينما رفضته 10 دول، وامتنعت 23 دولة عن التصويت. لتكون الدول التي صوتت لصالح القرار زادت 33 دولة بين الجلستين.
ورغم أن هذه الأرقام تظهر جزءًا من الصورة إلا أن بعض التفاصيل تحتاج إلى عرض بشكلٍ مختلف، ففي البداية تعكس نتائج التصويت في الجمعية العامة حجم التأييد للقضايا المطروحة على المستوى العالمي، نظراً إلى التمثيل الواسع للدول وعدم وجود حق الفيتو على عكس مجلس الأمن مثلاً، ومن هذه الزاوية يبدو أن كلا القرارين يعبران عن حجم تأييد عالمي كاسح لوقف إطلاق النار في غزة، وترفض هذه الدول الموقف الأمريكي والصهيوني ما يعكس توازن القوى داخل الجمعية العامة ويعبر بشكل من الأشكال عن خطوط الانقسام والاصطفافات بالمعنى الدولي في اللحظة الراهنة، وهنا تحديداً يبدو أن درجة التسارع باتت كبيرة إلى تلك الدرجة التي اختلفت فيها هذه الخطوط خلال 20 يوماً!
على من تعوّل الولايات المتحدة؟
صوّتت في الاجتماع الأول ضد القرار دولٌ مثل ناورو التي تبلغ مساحتها 21 كم2 بناتج إجمالي يقدر بـ 115 مليون دولار، وجزر مارشال التي تبلغ مساحتها 181 كم2 بناتج إجمالي يقدر بـ 45 مليون دولار، وغيرها من الدول مثل فوجي، وغواتيمالا، وميكرونيسا، وبابوا غينيا، وتونغا، وتشكل هذه الدول الصغيرة رصيد واشنطن الأساسي في الجمعية العامة واعتمدت عليها في التصويت ضد القرار في الجلستين تقريباً مع بعض الاستثناءات.
ويبدو أن النظر في قائمة الدول التي امتنعت عن التصويت في المرة الأولى وغيرت موقفها في الاجتماع الثاني فنرى أن واشنطن والكيان الصهيوني خسروا دولاً مهمة مثل الهند، وكندا، وفنلندا، وكوريا الجنوبية، وبولندا، والسويد، بالإضافة إلى دول عربية مثل العراق وتونس، ويبدو من خلال هذه الأمثلة التي تم ذكرها من أصل 20 دولة غيرت موقفها في الجلسة الثانية لصالح دعم القرار يبدو أن واشنطن خسرت دولاً كانت دائماً محسوبة على الكتلة الغربية وجزءاً أساسياً من «رصيدها الدولي» ما يشير إلى أن الوضع الحالي والملتهب في قطاع غزة يؤثر بشكل كبير على الولايات المتحدة على المستوى الدولي ويظهر بشكل واضح انخفاض قدرتها في الحشد والضغط على الدول التي بات عدد كبير منها لا يرضخ لهذا النوع من الضغوط.