قمة المناخ "كوب28" ..هل هي حقاً "خطوة تاريخية"؟

قمة المناخ "كوب28" ..هل هي حقاً "خطوة تاريخية"؟

عقد مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ "كوب28" في دبي هذا العام (30-11 إلى 12-12) على وقع طبول الحرب المستعرة بين طرفين أصبحا أكثر وضوحاً اليوم، وهما المستثمر السابق للكرة الأرضية متمثلاً في كل الكتلة الاستعمارية السابقة برئاسة الولايات المتحدة تلك التي انتهت من استثمار الأرض وتدميرها بالفعل، والطرف الثاني المتمثل في الدول التي بدأت منذ قليل في التقاط أنفاسها من آثار الضربات المهلكة التي تلقتها من تلك الدول الاستعمارية في محاولة لإنعاش اقتصاداتها التي بدأت تخرج من عباءة السيطرة الغربية في العالم متعدد الأقطاب الذي نشهده اليوم في ظل تغير توازن القوى العالمي.

وتستخدم القوى الغربية ما نسميه في تراثنا العربي "حقاً يراد به باطل" فمن الصحيح أن تركيزات غازات الدفيئة قد وصلت إلى حدود خطرة جداً على مستقبل البشر والحضارة البشرية، لكن الحرب المسعورة من أجل تخفيض الانبعاثات، تتجاهل عمداً من هو المسبب الأول للتلوث حالياً وبالمعنى التاريخي، ومن هو الرافض دوماً الانضمام لاتفاقية باريس للمناخ (أي الولايات المتحدة). ويبدو الطلب من دول كالصين والهند تخفيض انبعاثاتها ذا هدف واضح وهو قطع النمو الاقتصادي المتصاعد لهذه الدول التي تحقق نجاحات منقطعة النظير.

وإذا كانت الدول الغربية الآن قادرة على تحقيق إجراءات واضحة في مجال التخفيض، فذلك يعود بشكل كبير إلى تخليها عن قطاعات كبيرة من الإنتاج الحقيقي الذي أرسلته عامدةً متعمدةً إلى آسيا.

وتشكل الدول المنتجة للنفط حلفاً مع الدول الصاعدة اقتصادياً، في رفضها لموضوع تخفيض الانبعاثات بالسرعة والطريقة التي يضغط باتجاهها الغرب.

اتفاق باريس على طاولة البحث

وقد أعلنت آنا رومانوفسكايا، مديرة معهد المناخ العالمي والبيئة أن أهداف اتفاق باريس للمناخ لم تحقق، والانبعاثات مستمرة في الارتفاع. وتقول العالمة: "أصبح واضحاً كيف سيكون التقييم العالمي لهذا الواقع: لا تبذل ما يكفي من الجهود، ولم نتمكن بعد من السير على المسار الذي يقودنا إلى تحقيق أهداف اتفاق باريس - إبقاء ارتفاع درجات الحرارة عند درجتين مئويتين وبذل الجهود للوصول إلى 1.5 درجة، وزيادة القدرة على التكيف مع تغير المناخ وإعادة توجيه التخصيصات المالية. لن يتمكن أحد من المشاركين في المؤتمر الثامن والعشرين من القول بأننا تمكنا من تحقيق أي من هذه المجالات. فالانبعاثات مستمرة في النمو". ووفقاً لها، انخفضت الانبعاثات بنسبة 5 بالمئة في عام 2020، لكنها في عام 2021 عادت للارتفاع ووصلت إلى أكثر من 10 بالمئة.

المصالح الوطنية وأجندة المناخ

شدد وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف على المصالح الوطنية، في فعالية المائدة المستديرة في المؤتمر، حيث ناقش مجموعة من وزراء المالية الأدوات المالية للتحول الأخضر. وقال سيلوانوف: "بالنسبة لروسيا، فقد شكلنا الإطار التنظيمي اللازم، واعتمدنا عقيدة المناخ، ووافقنا على معايير مشاريع التنمية المستدامة وأطلقنا تداول (تبادل) وحدات الكربون". ويجب أن ترتبط أجندة المناخ بالمصالح الوطنية للدول وقدراتها. و لا بد من تنفيذ التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون بشروط عادلة، وفيما يتعلق بقضية المناخ، لا ينبغي تحقيق نجاح بعض الدول في قضية المناخ على حساب بلدان أخرى .وإن دور بنوك التنمية متعددة الأطراف في تمويل المشاريع الخضراء كبير.

وقد قررت 50 شركة في قطاع النفط والغاز، تمثل 40% من الإنتاج العالمي، الالتزام بالتخلص من الكربون في عملياتها الإنتاجية بحلول عام 2050.

"كوب 28"

علقت العديد من الدول النامية آمالاً كبيرة على المؤتمر، مع توقع الإعلان عن تشكيل صندوق جديد لتعويض الخسائر والأضرار، وإعلان الدول الغربية عن خطط طموحة لزيادة تمويل الطاقة المتجددة.

وقد وافقت العديد من الدول مبدئياً على أن يتولى البنك الدولي إدارة الصندوق، وهي الفكرة التي يروج لها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. ويمكن افتراض أن مبادرة تحويل الأموال إلى البنك الدولي قُبلت لقاء وعد من الدول الغربية بزيادة تمويل التحول المناخي.

في نوع من المقايضة بين وتيرة التخلص من الكربون والحفاظ على النمو الاقتصادي وتمويل تحويل مصادر الطاقة في البلدان النامية. بين الدول المتقدمة التي تسعى إلى وضع أهداف أكثر طموحًا لخفض الانبعاثات والدول النامية التي تعطي الأولوية للنمو الاقتصادي.

الهيدروجين بديلاً

أعلن النائب الأول لوزير التنمية الاقتصادية الروسي، إيليا توروسوف في المؤتمر عن العمل على تطوير قطاع تصدير الهيدروجين واعتزام الاستحواذ على خمس السوق العالمية بحلول عام 2030". وأكد وجود أكثر من 40 مشروعاً لإنتاج الهيدروجين قيد التطوير.

أوبك ترفض

نددت وزيرة التحول البيئي الإسبانية تيريزا ريبيرا بموقف "أوبك" ووصفته بأنه "مثير للاشمئزاز"، بعد أن دعا الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" أعضاء المنظمة وشركاءها إلى رفض أي اتفاق يستهدف الوقود الأحفوري في المفاوضات المناخية في مؤتمر كوب 28 ، فيما تمسّكت السعودية والعراق والدول المصدّرة للنفط بالموقف الرافض لإدراج مسألة خفض استخدام الوقود الأحفوري أو التخلي عنه في الاتفاق النهائي للمؤتمر، حتى تم إدراج المادة 28 ما جعل الصفقة مقبولة للسعودية، لأنها توفر "قائمة خيارات لكل دولة لتتبع مسارها الخاص نحو تحول الطاقة". حيث إن الاتفاق لم ينص على التخلص الفوري أو المتدرج من الوقود الأحفوري بل "عملية تحول".

"التحول"

وقد تبنت دول العالم بالتوافق أول اتفاق تاريخي بشأن المناخ يدعو إلى "التحوّل" باتجاه التخلي تدريجاً عن الوقود الأحفوري بما يشمل الفحم والنفط والغاز التي تعد مسؤولة عن الاحترار العالمي. وأقر النص المنبثق من مفاوضات مطولة بالتوافق ومن دون أي اعتراض من بين نحو 200 دولة حاضرة في الجلسة الختامية للمؤتمر. وقد جمع المؤتمر أكثر من 83 مليار دولار خلال فعالياته.

ودعا الاتفاق الدول إلى اتخاذ إجراءات، من أبرزها:

  • رفع قدرة الطاقة المتجددة عالمياً إلى ثلاثة أمثالها ومضاعفة المعدل السنوي العالمي لتحسين كفاءة استخدام الطاقة بحلول 2030.
  • الإسراع بالتخفيض التدريجي للفحم الذي يتم إنتاجه واستخدامه دون الاستعانة بتقنيات تقلص انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري والحد من السماح بتوليد الطاقة الجديدة من هذا النوع من الفحم.
  • تسريع الجهود العالمية لإنشاء أنظمة طاقة خالية من الانبعاثات، واستخدام أنواع وقود خالية من الكربون ومنخفضة الكربون قبل منتصف القرن أو بحلول منتصفه تقريبا.
  • التحول عن استخدام الوقود الأحفوري في نظم الطاقة ابتداء من العقد الحالي بطريقة عادلة ومنظمة ومنصفة لتحقيق صافي انبعاثات صفر بحلول 2050 بما يتماشى مع العلم.
  • تسريع وتيرة استخدام تقنيات وقف وخفض الانبعاثات، بما في ذلك تكنولوجيات الطاقة المتجددة والطاقة النووية وتكنولوجيات التخفيض والإزالة، مثل احتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه، ولا سيما في القطاعات التي يصعب التخفيف فيها، وإنتاج الهيدروجين المنخفض الكربون، وذلك لتعزيز الجهود نحو استبدال الوقود الأحفوري الذي يتم إنتاجه واستخدامه دون الاستعانة بتقنيات تقلص انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في أنظمة الطاقة.
  • خفض الانبعاثات الأخرى غير ثاني أكسيد الكربون بشكل كبير، بما في ذلك على وجه الخصوص انبعاثات الميثان، على مستوى العالم بحلول 2030.
  • الإلغاء التدريجي للدعم غير الفعال للوقود الأحفوري والذي لا يعالج مشكلة الفقر في مجال الطاقة أو العدالة في التحول في أقرب وقت ممكن.