الطريقة الأمريكية في إشعال حرب الخليج من جديد

الطريقة الأمريكية في إشعال حرب الخليج من جديد

تحت باب التسريبات الصحفية مرَّرت الإدارة الأمريكية إسفينها الذي ترغب في دقّه بين حلفاء روسيا الجدد منهم والقدامى على أمل إشعال فتيل جديد للحرب في المجال الروسي أو حيثما أمكنها، أملاً في تثبيت نفوذها السابق من خلال إضعاف أيّ استقرار محتمل بعيداً عن فلكها، ضمن تحالفات وتوازنات دولية جديدة غير مرغوبة من قبلها، خاصة بعد إعلان التعاون الروسي-الإيراني الاستراتيجي.

في هذا السياق تأتي التسريبات الأمريكية حول العدوان الإيراني المحتمل على المصالح السعودية والتحركات العسكرية «السرّية»، والتصعيد الأمريكي الإعلامي، بما فيه حديث الرئيس الأمريكي جو بايدن عن «تحرير إيران»، كجزء من حملته الانتخابية.

وإذا كان هذا الافتراض يُطرِبُ آذان بعض القوى الإقليمية التي تسعد باتساع الهوة بين إيران والسعودية، فممّا لا شك فيه أنَّ هذا يصبّ في مصلحة الإدارة الأميركية، سواء كان ذلك ضمن دائرة إدراك هذه القوى الاقليمية أم لا.

إنّ ما يسمَّى «المصالح الوطنية» الضيّقة لا يجب أنْ تعمي العيون عن ضرورات الاستقرار العام عالمياً بعيداً عن النفوذ الأمريكي الذي لا يفتأ يُشعل البؤرة تلو الأخرى في كل أنحاء العالم.

وكانت صحيفة «وول ستريت جورنال» قد ذكرت في تقرير لها، نقلاً عن مصادر سعودية وأمريكية أنّ المملكة شاركت معلومات استخباراتية مع الولايات المتحدة تحذّر من هجوم وشيك محتمل من إيران داخل السعودية، وأنّ القوات الأمريكية وقوّات أخرى في المنطقة رفعت درجة تأهّبها.

فيما أكّد مجلس الأمن القومي الأميركي، في بداية هذا الشهر، أنّ الولايات المتحدة على اتصال مستمر مع السعودية لمواجهة تهديدات إيران، إذ قال متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، إنّ الولايات المتحدة قلقة من تهديدات إيران للسعودية، وإنها لن تتردّد في الردّ إذا لزم الأمر، وأضاف «نحن قلقون من التهديدات، ونظلّ على اتصال مستمر مع السعودية من خلال القنوات العسكرية والمخابراتية... لن نتردّد في التحرك دفاعاً عن مصالحنا وشركائنا في المنطقة».

لكن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس لم يستطع تأكيد هذه الأخبار عندما أحرجه أحد الصحفيين بسؤاله عن سبب عدم إصدار وزارة الخارجية تحذيراً للمواطنين الأمريكيين في المنطقة كما جرت العادة.

ونفى المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني صحة تلك التقارير، قائلاً إنّ «الترويج لهذه الأنباء المسيَّسة من قبل بعض الأوساط الغربية والصهيونية، يصب في الأجواء السلبية المثارة ضد إيران وإفشال التعاملات الإيجابية القائمة مع دول المنطقة»، وأضاف أنّ إيران «ستواصل في إطار القانون الدولي، انتهاج مبدأ حسن التعامل مع جيرانها، وترى أنّ تعزيز الاستقرار والأمن الإقليميين مرهون بالتعاون البنَّاء مع دول الجوار وهي عازمة على المضي بهذا الاتجاه».

وفي سياق متصل، نقلت الخارجية الروسية عن الوزير سيرغي لافروف قوله لنظيره الإيراني، إن وسائل إعلام غربية أطلقت حملة قد تؤدي إلى تصعيد الوضع في منطقة الخليج.

ووفقاً لبيان للوزارة، فقد علّق لافروف في اتصال هاتفي مع الوزير الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، على «ضرر الحملة الإعلامية التي أطلقتها وسائل إعلام غربية». وأوضح أنّ مثل هذه الأفعال قد تؤدّي إلى تصعيد خطير للتوتر في المنطقة ذات الأهمية الاستراتيجية.


فيما لم تعلق الخارجية السعودية على هذه الاتهامات لا كلياً ولا جزئياً.

وكانت الرياض قد بدأت محادثات مباشرة مع طهران العام الماضي في محاولة لاحتواء التوتر وسط حالة من عدم اليقين في الخليج بشأن توجّهات الولايات المتّحدة تجاه المنطقة، في وقت تشهد فيه العلاقات بين الرياض وواشنطن حالةً من التوتر بعد أنْ قرّر تحالف «أوبك+» الذي تقوده السعودية الشهر الماضي خفض إنتاج النفط، بعدما أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن أنه ستكون لقرار «أوبك+» عواقب على العلاقات الأمريكية مع الرياض.

يأتي كل ذلك على خلفية التعاون الروسي-الإيراني الاستراتيجي الذي تم تعزيزه في بداية العام الجاري حيث يتعاون البلدان في مختلف المجالات کالطاقة والصناعة والتكنولوجيا والاقتصاد والتجارة والثقافة خلال هذه الفترة.

ويعتبر تشغیل الوحدة الأولی من محطة «بوشهر» النووية التي تبلغ طاقتها الإنتاجية ألف ميغاواط وتسليم روسیا منظومة الدفاع الجوي «إس-300» إلی إیران وتدشين المشروع المشترك بين البلدین، لإنشاء محطة للطاقة الكهربائية بسعة 1400 ميغاواط في مدينة سيريك (بمحافظة هرمزكان جنوبي إيران) من الإجراءات والمشاريع الكبرى التي نفّذت في العقدين الماضيين في إطار العلاقات الثنائية. ويندرج توسيع العلاقات الثنائية بين إيران وروسيا في إطار مواجهة السياسات التوسعية والاستعمارية للولايات المتحدة الأمريكية على المستوى الدولي.