تايوان قضيّة روسيّة وأوكرانيا قضيّة صينيّة
ام.كي. بدرخومار ام.كي. بدرخومار

تايوان قضيّة روسيّة وأوكرانيا قضيّة صينيّة

يبدو أنّ الشعور بالرضا الذي نجم عن القمة الافتراضية بين بايدن وشي جين بينغ، قد اختفى كما اختفى الرضا الذي نجم عن القمّة الروسية الأمريكية التي حدثت في جنيف في يونيو/حزيران الماضي. بعد الحديث الأمريكي مع روسيا عن محاولة الوصول إلى علاقة «مستقرة ويمكن التنبؤ بها»، سمعنا أحاديث عن الحرب. وكذلك الأمر بعد المحادثات مع الصين.

ترجمة : قاسيون

يمكن أخذ أمثلة ممّا قاله مستشار الأمن القومي جاك سوليفان بأنّ الولايات المتحدة ومن يفكر مثلها سيكتبون القواعد لدفع مصالحهم وقيمهم. أو إعلان بايدن بأنّ إدارته تفكر في المقاطعة الدبلوماسية للأولمبياد الشتوية في بكين.

أهمّ ما في التصعيد الأمريكي هو تشديد وزارة الخارجية الأمريكية على أنّ تايوان ستبقى نقطة عالقة في أيّ حديث صيني-أمريكي، وبأنّ الإدارة الأمريكية ملتزمة بزيادة التعاون العسكري والتكنولوجي مع تايوان.

رغم أنّ الشعور الإيجابي الذي نجم عن لقاء جنيف بين الروس والأمريكيين عاش فترة أطول، إلّا أنّ الولايات المتحدة لم تطل حتّى عادت للتصعيد بتحذيرها لحلفائها بأنّ عليهم الاستعداد لعدوان روسي ضدّ أوكرانيا.

 

سياج ضعيف

يفترض بأنّ الهدف الجوهري من التحركات الدبلوماسية الأمريكية مع روسيا والصين، هي وضع سياج يمنع تحوّل التوترات إلى نزاع مع روسيا أو مع الصين. لكن يبدو أنّ بعض الساسة الأمريكيين كانوا يأملون بأن يلعب هذا «السياج» دور قيد أحادي الجانب يفرّق بين روسيا والصين، بما يخدم مصالح الولايات المتحدة.

إنّها وصفة ممتازة لعدم الثقة والعداء. وكما صاغ سورابه غوبتا من مركز الدراسات الصينية-الأمريكية في واشنطن الأمر: «معاملة انتقائية تتجنب التعاون الحقيقي».

لكن من الواضح أنّه لا الصين ولا روسيا ستقبلان بمثل هذا التعايش الفوضوي المُدار أمريكياً، خاصة أنّ تايوان وأوكرانيا قضيتان وجوديتان لكلا البلدين. التكتيك الذي تتبناه الولايات المتحدة استفزازي بشكل متزايد، ويضع بكين وموسكو في اختبارات إجهاد، بينما تواصل الولايات المتحدة محاولة دفع «الخطوط الحمراء» للوراء لخلق حقائق جديدة على الأرض.

تقارب الأعداء

تتعامل الولايات المتحدة مع تايوان بالطريقة ذاتها التي تتعامل فيها مع أوكرانيا. تحاول التشويش في كلتا الحالتين على الخطّ الأحمر الصيني والروسي. وفي كلتا الحالتين، لجأت الولايات المتحدة إلى الزحف البطيء، بحيث لا يوجد عمل واحد فظيع يشكل ذريعة للحرب. ولكن يجعلك بشكل مستمر تدرك بأنّك خسرت كامل الحرب.

لكن صبر موسكو لا يمكن اختباره أكثر من هذا الحد، فهي لن تقبل ولن تتسامح ولن تقف دون حراك أمام دعم الولايات المتحدة لابتعاد كييف عن اتفاقية مينسك، ولا عن نشر القوات الأمريكية في أوكرانيا والبحر الأسود. وسيكون الرد بطرق مختلفة.

من أبرز النتائج للسياسة الأمريكية هي تشديد الصين وروسيا على محورية نصف-التحالف الروسي-الصيني. قال بوتين ما يمكنه أن يصوغ الأمر: «يحاول بعض شركائنا الغربيين دقّ إسفين بين موسكو وبكين. نحن ندرك هذا جيداً. لكننا، جنباً إلى جنب مع أصدقائنا الصينيين، سنواصل الرد على مثل هذه المحاولات من خلال توسيع تعاوننا السياسي والاقتصادي وغيره، وتنسيق الخطوات على الساحة العالمية.

في 19 نوفمبر/تشرين الثاني، أجرت الصين وروسيا دوريات بحرية استراتيجية في بحر اليابان وبحر الصين الشرقي. قامت قاذفتان نوويتان مهولتان من الجانب الصيني والروسي بالقيام بدوريات دامت أكثر من 10 ساعات.

اختصر التعليق الصحفي الهدف من الأمر: «تعزيز مستوى التنسيق الاستراتيجي والقدرات العملياتية المشتركة بين الجانبين، والمشاركة في حماية الاستقرار الاستراتيجي العالمي».

لدى كلّ من بكين وموسكو إجراءات خاصة في صندوقهما لم يتم استخدامها بعد، دون الاضطرار للوصول إلى غزو تايوان أو أوكرانيا، وليس من المتصور سكوت بكين أو موسكو عن استفزازات أكثر. و«التزامن» في الفعل وردّ الفعل على الولايات المتحدة في الشرق الأقصى وأوروبا الشرقية، لن يحمل نتائج إيجابية من الناحية الجيوسياسية للولايات المتحدة.

تفهم الصين أنّ خسارة روسيا في أوكرانيا سيعني تشجيع الولايات المتحدة على إضعاف قدرة الصين على التصدي لهيمنتها في تايوان. وتفهم روسيا أنّ خروج الولايات المتحدة منتصرة في الشرق الأقصى يعني قدرتها على إجبار روسيا على إعادة ضبط الاستقرار الاستراتيجي العالمي وفقاً لشروطها الخاصة.

من هنا يبدو أنّ تايوان هي قضيّة روسيّة بقدر ما هي صينية، وأوكرانيا هي قضيّة صينيّة بقدر ما هي روسيّة.

 

بتصرّف عن: Sino-Russian collusion over Taiwan, Ukraine seems improbable but isn’t

آخر تعديل على الجمعة, 26 تشرين2/نوفمبر 2021 13:16