الجيشان الأمريكي والبريطاني أكبر ملوّثَين للبيئة
لماذا أصدر البنتاغون تقريره بشأن «خطة التكيف مع المناخ» تحديداً قبل يوم واحد من مؤتمر الأمم المتحدة السادس والعشرين لتغير المناخ (COP26) المنعقد في غلاسكو للفترة بين 31 تشرين الأول إلى 12 تشرين الثاني 2021؟ كشف معهد واتسون للشؤون الدولية والعامة عام 2019 عن ورقة بحثية حول تأثير الجيش الأمريكي على البيئة، احتوت على معلومات مثيرة للاهتمام ومفصّلة عن التلوث العسكري الأمريكي حول العالم، حيث ذكر أنه بين عامي 1975 و2018، بلغ إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من وزارة الحرب الأمريكية لوحدها 1,267 مليون طن متري، وتتجاوز الانبعاثات السنوية للبنتاغون بكثير تلك الناجمة عن صناعة الصلب الأمريكية وأكثر من إجمالي انبعاثات دول مثل السويد والدنمارك والبرتغال مجتمعةً. وبين عامي 2001 و2018، بلغ إجمالي الانبعاثات من العمليات العسكرية الأمريكية الخارجية 440 مليون طن متري. ويذكر تقرير حديث آخر أن وزارة الجيش البريطاني «تضلل» الجمهور بشأن مستويات انبعاثات الكربون لديها، حيث اكتشف التحليل باستخدام طريقة مختلفة لحساب انبعاثات الكربون للجيش البريطاني (استناداً إلى الإنفاق العسكري السنوي) بأنّ إجمالي «البصمة الكربونية» للجيش البريطاني يبلغ 11 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، وهذا أعلى بأكثر من 11 مرة من الأرقام الواردة في النص الرئيسي للتقارير السنوية لوزارة الجيش البريطاني.
رداً على إصدار البنتاغون وثيقة «خطة التكيف مع المناخ»، أشارت وسائل الإعلام الأمريكية المتخصصة إلى أن الجيش الأمريكي «سيحتاج إلى فهم وتوقع كيف سيؤثر الإجهاد المناخي على الاستقرار العالمي، في مناطق من العالم حيث يعمل اليوم وحيث قد يحتاج إلى العمل غداً. ستُنشر أفكاره حول هذا التحدي قريباً في تقييم مخاطر المناخ. بالإضافة إلى ذلك، سيتم تكليفه بخفض الانبعاثات وزيادة كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة ودمج المركبات الكهربائية. واستجابة لذلك، ستنشر تقرير الاستدامة وخطة التنفيذ في وقت لاحق من هذا العام، بعد إصدار الأمر التنفيذي المتوقع بشأن الاستدامة».
الإنفاق على «التكيف» مع التغيّر المناخي وليس منعه
استناداً إلى ميزانية السنة المالية 2023 في الولايات المتحدة، لن يكون هناك أي شيء يتم إنفاقه على برامج المناخ، لأن الكثير من الأموال المضافة تم تخصيصها «لتدفقات الاستثمار الحالية» مثل مشاريع البناء العسكرية وشراء معدات فعالة من حيث التكلفة.
ومع ذلك تستند خطة البنتاغون إلى تقييمات «واقعية» إلى حد ما إذا ما قورنت مع الخطاب المُعلَن لقادة الغرب السياسيين، حيث لا توجد في خطة البنتاغون نداءات عاطفية لإدخال فوري «للطاقة الخضراء» أو تهديدات بعيدة المنال بما يتعلق باستخدام الطاقة النووية وأنواع الوقود التقليدية. وفي حين لا يوجد أي ذكر لحماية البيئة لدى الجيش الأمريكي فإنه يناقش ببساطة تغير المناخ المحتمل باعتباره أحد التحديات التي يجب الاستعداد لها، وليس التدخل الفعال لمنع حدوثها.
كانت وزارة الحرب الأمريكية قد بدأت سلفاً بالاعتراف بأن الجهات الفاعلة غير الحكومية والدول المعادية ليست التهديدات الوحيدة أو حتى الأكثر تعقيداً، حيث إن القواعد العسكرية والبنية التحتية الداعمة تتعرض لأعاصير أكثر شدة، ولارتفاع مستويات سطح البحر في جميع أنحاء العالم. كان هذا واضحاً عندما قصف إعصار مايكل من الفئة 5 قاعدة تيندال الجوية في فلوريدا في أيلول، ما ألحق أضراراً جسيمة بـ 95% من مبانيها، وكلف إصلاح الطائرات 5 مليارات دولار. يتم تنفيذ العديد من المبادرات، بما فيها جدران بحرية حول القواعد العسكرية المعرّضة للفيضانات وتحديث سياسات الأمراض المرتبطة بالحرارة مع تحسين تدابير الوقاية وبروتوكولات العلاج لمواجهة درجات الحرارة المرتفعة.
في عام 2019، أصدرت الكلية الحربية للجيش الأمريكي تقريراً يشير إلى أن تغير المناخ سيؤثر بشكل مباشر على المصالح العسكرية. من ناحية أخرى، قد تتسبب الأعاصير والكوارث الطبيعية الأخرى في إلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية العسكرية للبنتاغون، ومن ناحية أخرى، فإن تكيف القوات المسلحة للدول الأخرى مع الظروف المناخية الجديدة يمكن أن يمنح خصوم واشنطن المحتملين ميزة تنافسية. أولاً وقبل كل شيء، يشير الجيش الأمريكي إلى روسيا والقطب الشمالي.
في غضون ذلك، تبتكر المؤسسات الفكرية جميع أنواع المبادرات كنوع من ستار دخان «ديمقراطي». على سبيل المثال، يحاول مركز المناخ والأمن، الذي يضم مجلسه الاستشاري العديد من الجنرالات والأدميرالات المتقاعدين، توضيح أنه يشارك بنشاط في القضايا البيئية ومكافحة التلوث.
ومع ذلك، بعد انتخاب جو بايدن رئيساً للولايات المتحدة، كان الخبراء الأمريكيون لا يزالون يتساءلون عما إذا كانت هناك تغييرات في السياسة العسكرية بشكل عام نتيجة لأجندة المناخ التي تقدم بها الديمقراطيون خلال حملتهم الانتخابية.
دور الجيش الأمريكي بتغيير المناخ
في السنة المالية 2017، أنفق البنتاغون 3.5 مليار دولار على التدفئة والتبريد وتوفير الكهرباء لمنشآته، وفي عام 2016 أنفق 3.7 مليار دولار. انبعث من مبنى البنتاغون نفسه، الواقع في أرلينغتون بولاية فيرجينيا، 24620.55 طناً مترياً من ثاني أكسيد الكربون في عام 2013.
يستخدم الجيش الأمريكي والبحرية والقوات الجوية الكمية نفسها تقريباً من الطاقة. وتُظهر البيانات التفصيلية لعام 2014 كميات وأغراض استخدام الطاقة. كما قام العلماء بحساب التأثير المشترك للأنشطة والتدخلات العسكرية الأمريكية، بما في ذلك:
1 - انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من القواعد العسكرية والعمليات غير الحربية.
2. الانبعاثات المتعلقة بحروب الولايات المتحدة في الخارج.
3. الانبعاثات من الصناعة العسكرية الأمريكية كعمليات إنتاج الأسلحة والذخيرة.
4 - الانبعاثات الناجمة عن الاستهداف المباشر للبترول، أي الحرق المتعمد لآبار النفط والمصافي من قبل جميع الأطراف.
5. مصادر الانبعاثات من قبل أطراف محاربة أخرى.
6. الطاقة المستهلكة خلال إعادة إعمار البنية التحتية المتضررة والمدمرة.
7. الانبعاثات من مصادر أخرى، مثل إخماد الحرائق وإطفاء المواد الكيميائية، بما في ذلك الهالون، أحد غازات الدفيئة، ومن الانفجارات والحرائق الناتجة عن تدمير أهداف غير بترولية في مناطق الحرب.
الجيش البريطاني يلوّث البيئة ويزوّر البيانات
وجد أول حساب مستقل من نوعه أن القطاع العسكري والصناعي في المملكة المتحدة يُصدر سنوياً غازات دفيئة منفرداً أكثر من 60 دولة مجتمعة، مثل أوغندا، التي يبلغ عدد سكانها 45 مليون نسمة.
وأطلق القطاع العسكري في المملكة المتحدة 6.5 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي للأرض بين عامي 2017 و2018. ويقدر التقرير أن إجمالي انبعاثات الدفيئة المباشرة لوزارة الجيش البريطانية في 2017–2018 بلغ 3.03 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون.
الرقم الخاص بوزارة الجيش هو أكثر من ثلاثة أضعاف مستوى 0.94 مليون طن من انبعاثات الكربون المبلغ عنها في النص الرئيسي للتقرير السنوي لوزارة الجيش، وهو مشابه لانبعاثات صناعة السيارات في المملكة المتحدة.
بينما التزمت الولايات المتحدة الصمت وحاولت عدم إثارة قضية تأثير الجيش الأمريكي على البيئة، قررت المملكة المتحدة استخدام الأسلوب المجرب والمُختبَر للتلاعب الإعلامي: تزوير البيانات.
بغض النظر عن مدى حديث المسؤولين رفيعي المستوى في واشنطن ولندن عن الحاجة إلى حماية البيئة، فلا شك أن جيشي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة يمثلان في الواقع أكبر تهديد لبيئة كوكبنا.
بتصرف واختصار عن: US And UK Military Are The World Biggest Polluters
معلومات إضافية
- ترجمة:
- قاسيون