واشنطن تخسر «حرب المعلومات» حول أزمة الطاقة الأوروبية
فشلت واشنطن بحرب المعلومات التي روّجت بأنّ روسيا تستخدم صادراتها من الطاقة إلى أوروبا «كسلاح». وتلقّت صفعة بشكل خاص بعد أنْ وعدت القوة العظمى الأوراسية بالسعي لإنقاذ جيرانها عبر مساعدتهم للنجاة من أزمة الطاقة الحالية، الأمر الذي يعزّزه واقع تهدئة سعير ارتفاع أسعار الغاز في أوروبا بعد كلّ تطمين روسي بتأمين الإمدادات.
ترجمة : قاسيون
ومن المفارقات هو أنه رغم التخوف السابق بشأن خط أنابيب (السيل الشمالي2) الذي اكتمل في نهاية المطاف، كانت الولايات المتحدة نفسها تستورد المزيد من النفط من روسيا أكثر من أي وقت مضى لدرجة أنّ وكالة بلومبرغ الأمريكية، التي لا يمكن اعتبارها بالطبع إعلاماً «صديقاً لروسيا»، اضطرت إلى الاعتراف في شهر آب الماضي بأن «روسيا تحتل المرتبة الثانية بين مورّدي النفط الأجانب للولايات المتحدة». هذه الحقيقة تؤكدها إحصاءات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية من موقعها الرسمي على الإنترنت.
وأكدت ألمانيا (القوى الأكثر نفوذاً بالاتحاد الأوروبي) عبر تصريحات المستشارة المنتهية ولايتها أنجيلا ميركل، بأنّ روسيا تفي بجميع عقودها وليست مسؤولة عن أزمة الطاقة في كتلة الاتحاد الأوروبي. وأرجع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في وقت سابق الارتفاع في تكاليف الطاقة إلى «الهستيريا والفوضى» في السوق بسبب التخمينات غير الدقيقة وسوء إدارة تحولات إزالة الكربون في العديد من البلدان. وقال أيضًا إن المفوضية الأوروبية ارتكبت خطأً في التحول من عقود الغاز طويلة الأجل إلى التداول الفوري. ثم أكد الزعيم الروسي مجددًا أن شركة غازبروم لم ترفض أبدًا زيادة إمدادات الغاز عند وجود الطلبات وأوعز إلى وزير الطاقة بضمان استمرار العبور عبر أوكرانيا. تثبت كل هذه التطورات أن روسيا هي الشريك الأكثر موثوقية في مجال الطاقة للاتحاد الأوروبي.
سيساهم خط أنابيب الغاز «السيل الشمالي2» الذي تم الانتهاء منه مؤخرًا و«السيل التركي» الذي تم الانتهاء منه سابقًا، بشكل كبير في أمن الطاقة للكتلة الأوروبية، ولا سيّما من حيث مساعدتها على النجاة من الأزمة المستمرة.
كانت معارضة الولايات المتحدة لكلا المشروعين لخدمة مصالح واشنطن الذاتية، وتهدف إلى الضغط على شركائها للاعتماد على الصادرات الأمريكية من الغاز الطبيعي المسال على الرغم من أنه أكثر تكلفة وأقل موثوقية نسبيًا. يرى العالم كله الآن أنه كان من الممكن أن تحدث نتائج عكسية لو أذعن الاتحاد الأوروبي بشكل كامل لأمريكا كما أرادت.
كل هذا يثبت عدة نقاط مهمة
أولاً– الولايات المتحدة (وليس روسيا) هي الشريك غير الموثوق به لأوروبا من جميع النواحي. ففي حين ساعدت روسيا جيرانها، لم يكن هذا ليحدث لو امتثل شركاؤها تمامًا لضغط الولايات المتحدة لتقليص علاقات الطاقة مع موسكو وقطعها في نهاية المطاف.
ثانياً– أنّ الولايات المتحدة هي التي سعت إلى استعمال صادرات الطاقة كـ"سلاح" للضغط بذرائع سياسية ضد روسيا من أجل جعل الاتحاد الأوروبي يعتمد على صادراته من الغاز الطبيعي المسال الأكثر تكلفة والأقل موثوقية.
ثالثاً– أنّ الولايات المتحدة استخدمت سرديات حرب المعلومات الكاذبة في السعي لتحقيق تلك الغاية الفاشلة، والتي ينبغي أن تقلل مصداقيتها في نظر الجمهور الأوروبي بعد فوات الأوان.