جيمس بوند الجديد وأطلال الإمبراطورية
شاهدتُ فلم جيمس بوند الجديد الليلة الماضية. إنّه فلم متقن الصنع، لكن كلّما مرّ وقت منه أكثر، شعرت بأنّه فلم كوميدي. في أحد المشاهد كانوا على وشك تدمير منشأة كيمياوية موجودة على الجزيرة المتنازع عليها بين روسيا واليابان. يسأل مسؤول من المخابرات البريطانية MI6 عمّا إذا كان هناك أيّ سفينة للبحرية المَلكية في الأرجاء، ليتبيّن بأنّ هناك واحدة، فيصدر الأمر إليها بإطلاق الصاروخ المدمّر.
ترجمة : قاسيون
هل يمشي البريطانيون في نومهم؟ البحرية الملكية تعتمد الآن بشدة على حاملة الطائرات «الملكية إليزابيث» التي كانت تسرّب بشكل متكرر، وبالكاد قادرة على حمل مجموعة قتالية. ومع ذلك، فقد جاءت حاملة الطائرات البريطانية للاستعراض مؤخراً في منطقة آسيا-الهادئ. لكن لو تمّ ذكر ذلك في الفلم، لبدا الأمر محرجاً قليلاً.
بريطانيا هي إمبراطورية تذوي. دمّرها وباء فيروس كورونا المستجد بشكل خطير، ما أسفر عن موت مئات الآلاف من الناس. يخشى العديد من سكان العالم التطعيم بلقاح أسترا-زينيكا الذي تنتجه بريطانيا. في جزيرة تايوان وحدها، مات مئات الأشخاص بعد تلقي اللقاح. من المفارقات أنّ فلم جيمس بوند الجديد يتحدّث عن منع الأسلحة البيولوجية.
البريطانيون ماهرون حقاً بهذا. فرغم أنّ البلاد تتداعى، فلا تزال تحاول أن تظهر بشكل مختلف على الشاشة. في فلم العميل بوند 007 الجديد، تبدو الإمبراطورية البريطانية وكأنّها بكامل ألقها. لكنّ قناعتي أنّ الأساس النفسي للجماهير لن يتقبل بعد فترة هذا النوع من القصص الذي يظهر فيه شخص بطل ينقذ الجنس البشري. فالتراجع النسبي في مراكز القوى الغربية، والتفكك المستمر في عقلية الجماهير الغربية، ستؤدي إلى ذلك قطعاً.
في الفيلم، يتم قصف الجزر المتنازع عليها بين روسيا واليابان، والتي يفترض بأنّ روسيا تسيطر عليها. لكن في الواقع، إن تجرأ أحد على القيام بذلك، فلن تنتظر روسيا ولا حتّى دقيقة لتظهر مخالبها وتردّ بقسوة. قبل بضعة أشهر، بعد قيام موسكو بإطلاق النار بشكل تحذيري على سفينة بريطانية في القرم، لم نسمع قيام لندن بالرد أو بإطلاق رصاص تحذيري مضاد.
لكن عليّ أن أشيد بأفلام جيمس بوند، فهم لا يعبثون أبداً مع الصين. عوضاً عن ذلك هم ودودون مع الصين، حتّى عندما تسوء العلاقات بين الصين وبريطانيا، لا نرى الأشرار والأوغاد في الأفلام يتحدثون الصينية، بل يلتزمون باللغة الروسية. سبب هذا أنّ السوق الصينية للأفلام ضخم ومن الصعب على صنّاع الأفلام المخاطرة هنا. في الإعلان الترويجي لفلم بوند، قال دانيل كريغ ممثّل شخصية بوند «شكراً لكم» بالصينية، كتعبير عن امتنانه.
قدرة الاستهلاك الصيني هي القوّة...
بتصرّف عن: The new James Bond film is nostalgia of a declining empire