إنقاذ درعا... إنقاذ سورية!
ثمة دمٌ سوري ينزف من جديد، ثمة دمار ونزوح متجددان في الجنوب السوري، ومرة أخرى يصبح الدم السوري سلعة في بازارات نخب الحرب والعسكرة، وبيزنس التوتير.
وكالعادة تتبارز الأبواق لتسجيل النقاط، رغم أن الضحية كما كان دائماً هي فقراء سورية وبؤساؤها المنهكين أصلاً في جحيم فقدان أبسط متطلبات الحياة اليومية من ماء وخبز وكهرباء...
بالنظر إلى تطورات وتفاصيل الوضع الميداني في هذه المنطقة التي هي إحدى مناطق خفض التصعيد، يلاحظ المتابع بأن محاولة محمومة تجري لنسف الاستقرار النسبي والهش الموجود هناك، ويصب التصعيد هذا في مصحلة أكثر من جهة، سواء كان ذلك من خلال التصريحات الاستعلائية والسلوك الانتقامي من متشددي النظام، أو عبر محاولات البعض، وخاصة مما وراء الحدود، للدفع نحو مزيد من التوتير ونحو توسيع رقعة التوتر.
ولكن بعيداً عن الذرائع التي يسوقها مشجعو الحرب، فإنّ الغاية المكشوفة والواضحة تستند إلى الحقائق التالية:
أولاً: كلما طالت فترة الهدوء النسبي الذي أرسته أستانا في مختلف بقاع البلاد، كلما بات استحقاق الحل السياسي أكثر ضغطاً على الجميع وأكثر قدرة على فرض نفسه بوصفه المسألة الأكثر إلحاحاً.
ثانياً: مع استمرار تردي الأوضاع الاقتصادية وبالتوازي مع عدم وجود أعمال عسكرية، فإنّ الأضواء تصبح مسلطة بشكل أكبر على الفساد وعلى النموذج الاقتصادي الاجتماعي القائم والمطلوب؛ أي أنّ هذه الثنائية (خفوت صوت الحرب، وارتفاع حجم المأساة الاقتصادية الاجتماعية) تدفع الحل السياسي بشكل مضاعف إلى دائرة الضوء وإلى منصة الاستحقاق الوطني الأول.
ثالثاً: كيف سيكون الحال إذا أضاف الواقع فوق الثنائية السابقة، وضعاً دولياً وإقليمياً مستجداً يحتوي تباشير توافقات تمهد الطريق لتنفيذٍ كامل وشامل للقرار 2254 بما يتضمنه ذلك من فتح لباب التغيير الجذري الشامل؟!
إنّ اجتماع هذه العوامل الثلاثة معاً، هو الأساس في التصعيد الميداني الجاري في الجنوب السوري، وكل ما يقال من أسباب «أمنية» وما شابهها، ليس سوى ذرٍ للرماد في العيون، وتغطية للحقائق...
إنّ المهمة الأولى في ظل الوضع الناشئ هي الالتزام باتفاقيات التهدئة، وإسكات السلاح إلا الموجه منه إلى التنظيمات المصنفة إرهابياً وفقاً للأمم المتحدة، وهذه ليس لها وجود في درعا.
إنّ المهمة الأولى طوال السنوات الست الماضية هي إنقاذ سورية وإنهاء كارثتها على أساس التوافق بين السوريين وعلى أساس القرارات الدولية وصولاً لاستعادة سيادة الشعب السوري على كامل سورية الموحدة، والوصول ضمناً إلى إخراج كافة القوات الأجنبية من الأرض السورية.