هل سيبدأ تطعيم كورونا في سورية بلقاح بريطاني-سويسري أم أمريكي؟

هل سيبدأ تطعيم كورونا في سورية بلقاح بريطاني-سويسري أم أمريكي؟

في اتصال هاتفي مع إذاعة «المدينة إف إم» السورية المحلية، أمس الإثنين 25 كانون الثاني، قال مدير الجاهزية والإسعاف في وزارة الصحة السورية، الدكتور توفيق حسابا: «نتوقع مع بداية نيسان أن نباشر بعملية التلقيح، والدفعة الأولى المتوقع وصولها إلى الجمهورية العربية السورية عبر منصة كوفاكس تكفي لـ 600 ألف مواطن. أي ما يقدَّر بـ 3% من إجمالي الشعب السوري» وأضاف بأن هذه ستكون الدفعة الأولى، وأنّ إجمالي الدفعات لاحقاً يفترض أنْ تغطي تطعيم 5 مليون نسمة.

وعن توزيع هذه الكمية قال الدكتور حسابا بأنه سيتم التوزيع للفئات التالية: فئة الكادر الطبي، لأنه على تماس مباشر مع المرضى. وفئة «الكادر الذي على تماس مجتمعي... كالمدرسين مثلاً». إضافة إلى فئة «مرضى الأمراض المزمنة الموثقين لدينا حسب برامج وزارة الصحة، وبالتعاون مع الجهات الأخرى الذين لديهم أمراض مزمنة»، وكذلك فئة «المتقدمين بالعمر أكثر من 55 سنة».

 

وعن التكلفة على المواطنين قال بأنّ «اللقاح اختياري ومجاني»، مشيراً إلى أنّ الحكومة السورية «سوف تتحمل أعباءً مادية لدخول اللقاح»، عبر دفع جزء من ثمنه ضمن منصة «كوفاكس» التي سورية عضو فيها.

 

وعن أماكن إعطاء اللقاح، أوضحَ بأنّ وزارة الصحة قررت حصر وضعه ضمن المشافي وذلك «تحسباً لأعراض جانبية بعد التلقيح» وأنّ «المواطن الذي يأخذ اللقاح لن يغادر المكان الذي أخذه فيه إلا بعد 30 إلى 45 دقيقة».

 

وعن الدفعات اللاحقة من اللقاح إلى سورية بعد دفعة بداية نيسان هذه، قال مدير الجاهزية والإسعاف بأنها «ستصل تباعاً» دون ذكر مواعيد محددة.

 

أما حول نوع لقاح كورونا الذي سيصل إلى سورية من منصة كوفاكس في بداية نيسان، فقال الدكتور توفيق حسابا (في الاتصال نفسه) إنه «لغاية الآن لم يُعرَف بعد» ولكنه أشار إلى أنّ «ما نمضي به من سلسلة التبريد هي بين +2 إلى +8 درجة مئوية».

 

هذا ويجدر بالذكر، بأنه وفقاً لأحدث إصدار من «نشرة توقعات التوريد العالمي لكوفاكس» الصادرة رسمياً عن هذه المنصة بتاريخ 20 كانون الثاني 2021، نجد أنّها تعطي تقديرات كمية اللقاحات التي ستكون قد أمنتها كوفاكس للتوريد.

وضمن النشرة نلاحظ تقديراً خاصاً بالكميات المتوقعة من أجل تلك المجموعة الفرعية من الدول الـ92 (المنخفضة ومتوسطة الدخل) المرشحة لبرنامج «التزام التسويق المسبق» COVAX AMC92 ولكن فقط تلك الواقعة جغرافياً منها في منطقة شرق المتوسط وفق الصحة العالمية WHO EMRO (ومنها سورية) والتي نستنتج أنها تضم الدول التسعة التالية: (أفغانستان، جيبوتي، مصر، المغرب، باكستان، السودان، سورية، تونس، اليمن) ومجموع سكانها تقريباً 500 مليون نسمة.

وبحساب بسيط نستنتج من نشرة تقديرات كوفاكس هذه، بأنّ ما تستطيع تأمينه لهذه البلدان التسعة معاً (ومنها سورية) هو كما يلي (إذا افترضنا جرعتين لكل شخص):

حتى شهر نيسان 30 مليون جرعة (تكفي 3% من السكان)، وتضاف 10 مليون جرعة في أيار فتصبح تراكمياً 40 مليون جرعة (تكون قد صارت تكفي 4% من السكان)، وحتى حزيران تراكمياً 75 مليون جرعة (صارت تكفي 7.5% من السكان)، وحتى تموز 105 م.ج (10.5% من السكان) وحتى آب 130 م.ج (13% من السكان)، وحتى أيلول 155 م.ج (15.5% من السكان)، وحتى تشرين الأول 190 م.ج (19% من السكان)، وحتى تشرين الثاني 235 م.ج (23.5% من السكان)، وحتى الشهر الأخير من 2021 كانون الأول 285 م.ج (28.5% من السكان).

 

الشهر 2021

التغطية المتوقعة لسكان سورية من لقاحات «كوفاكس»

نيسان

3 %

أيار

4 %

حزيران

7.5 %

تموز

10.5 %

آب

13 %

أيلول

15.5 %

تشرين الأول

19 %

تشرين الثاني

23.5 %

كانون الأول

28.5 %

 

 

أما بالنسبة لنوع اللقاح، أي الشركات الصانعة لهذه الجرعات، فنشرة كوفاكس المذكورة تتوقع أن يكون لديها في الربع الثاني من هذا العام (من بداية نيسان حتى آخر حزيران)، 640 مليون جرعة لكل دول العالَم المرشحة للاستفادة من المنصة، ولكن يسيطر على الكمية لقاح شركة أسترازينيكا/أوكسفورد (AstraZeneca/Oxford) البريطانية-السويسرية متعددة الجنسيات (سواء عبر جرعاتها المصنّعة في «معهد الأمصال الهندي» SII المعروف بالاسم التجاري «كوفيشيلد» Covishield، أو تلك المصنَّعة في مقرّ الشركة الأم في كمبريدج في إنكلترا). ومساهمتها المؤكدة على مدى أطول (2021 و2022 معاً) هي 720 مليون جرعة.

على أن يستكمل نصاب الجرعات أعلاه، من لقاحَي الشركتين الأمريكيّتين «نوفافاكس» Novavax (والتي بالعموم أكدت على مدى السنتين المذكورتين مساهمتها بـ 550 مليون جرعة) و«جونسون آند جونسون» J&J (500 مليون جرعة لسنتين). أما ما تبقى من نصاب الربع الأول من 2021 (نحو ربع النصاب) لم تحدد المنصة مصدرها بل اكتفت بالقول إنها «لقاحات أخرى مرشحة يجري التفاوض عليها حالياً». وربما يكون المقصود لقاحات روسية وصينية، لكن لم تذكر كوفاكس سوى أن هناك لقاحات مرشحة أحدها (رمزت له المرشح A) سيساهم بـ560 مليون جرعة، والمرشح B بـ200 مليون جرعة، والمرشح C بـ20 مليون جرعة (وذلك لعامي 2021 و2022). وبالطبع جزء من متطلبات قبول هذه اللقاحات الإضافية المرشحة سيكون له علاقة مباشرة، على الأقل، بحصولها على ترخيص الاستخدام الطارئ EUL من منظمة الصحة العالمية.

وتذكر النشرة تقديرات لمساهمات أقل متوقعة عبر جرعات من لقاح كوفيد من صناعة شركتي Sanofi/gsk (سانوفي فرنسية متعددة الجنسيات مقرها باريس، وgsk بريطانية مقرها لندن) اللتان كل مساهمتهما المؤكدة لا تزيد عن 200 مليون جرعة لعامي 2021 و2022. وكذلك فايزر/بيونتك المتأخرة كثيراً بالمساهمة وبالكاد ضمنت منها كوفاكس حتى الآن تأكيد الحصول على 40 مليون جرعة لسنتين!

 

ولقاح «أسترازينيكا» وفق الوصف العلمي لمنظمة الصحة العالمية يعتمد على تقنية «الفيروس الغدي المأشوب، المعطوب التناسُخ، للشمبانزي، المعبِّر عن البروتين السكري السطحي الشوكي لفيروس سارس كوف-2». أي أنّه مشابه للقاح الروسي «سبوتنيك V» من ناحية الاعتماد على «ناقل فيروسي غدي»، لكن اللقاح الروسي هو الوحيد في العالم الذي يعتمد نوعين مختلفين من «الناقل الفيروسي الغدي البشري» مما يعزز المناعة بشكل أقوى، حسب معهد غاماليا المطور له. وفي آخر العام الماضي أعلن المطورون الروس للقاح سبوتنيك V مذكرة تعاون علمي مع شركة أسترازينيكا للبحث في إمكانية تطوير لقاح مشترك.

 

أما بالنسبة للقاح سبوتنيك V الروسي، فهل يوجد احتمال أنْ تصل منه جرعات إلى المواطنين في سورية عبر هذه الطريقة غير المباشرة (منصة كوفاكس العالَمية)، بعد أنْ غاب الحديث الحكومي عن أيّ مستجدات أو مساعٍ لتأمينه من روسيا بطريقة مباشرة؟

رغم تأكيد الرغبة الروسية بمساهمة سبوتنيك V في مخزونات «كوفاكس» على لسان رئيس صندوق الاستثمار المباشر، كيريل ديمترييف، على الأقل منذ 1 كانون الأول 2020، إلا أنّ السبب الأساسي لعدم حصول ذلك حتى الآن، هو تأخر منظمة الصحة العالمية في منحه «ترخيص الاستعمال الطارئ» EUL الذي هو أحد الشروط الأساسية لأي لقاح لكي تعتمده كوفاكس على قائمتها. علماً بأن أحدث خطوة على طريق ترخيص المنظمة للقاح الروسي كانت بتاريخ 22 كانون الثاني الجاري حيث تم «قبول الملف من أجل المراجعة ومناقشة محتوى وصيغة اللقاح»، ولكن سبوتنيك V ما زال يحتاج إلى خطوتين إضافيتين، تاليتين لهذه الأخيرة، قبل استكماله لترخيص WHO EUL.

 

ولأخذ لمحة عن أسعار السوق التقريبية لهذه اللقاحات/للجرعة الواحدة (عن غير طريق COVAX والأرقام هنا فقط كلمحة عامة وقد تتغير)، فإنّ أسترازينكيا مثلاً 3 إلى 4 دولار، سبوتنيك V بسعر 10 دولار، جونسون آند جونسون 10 دولار، وNovavax 16 دولار، موديرنا 32 – 37 دولار، فايزر/بيونتك 20 إلى 40 دولار...

 

وبغض النظر إذا أصبنا أو أخطئنا في تخمين نوع اللقاح الذي سيصلنا أولاً، لكن هل يمكن تقدير الجزء من الثمن المتوقع أن تتحمله الدولة كـ«عِبء» مقابل هذه الدفعة الأولى المكونة مما يكفي لـ 600 ألف مواطن حسب التصريح الرسمي؟

إذا كان المقصود شوط وقائي كامل بجرعتين لكل مواطن من هؤلاء فهذا يعني أن الدفعة الأولى الواصلة يفترض أن تكون 1.2 مليون جرعة، إلا إذا كان المقصود أن تكتفي الدولة مبدئياً (كما تفعل بريطانيا مثلاً) بجرعة واحدة أولى لكل من المستفيدين، فعندئذٍ يكون المقصود أن المنتظَر في نيسان هو 600 ألف جرعة.

وسوف نحاول الحساب وفق أعلى التكاليف المتوقع أن تضطر الدولة إلى أن تتحمل «عبء» جزء من ثمنها مقابل دفعة نيسان، كما صرّح مدير الجاهزية والإسعاف في الوزارة.

يقول تحالف اللقاح العالمي Gavi (أحد الرعاة الثلاثة لكوفاكس) على موقعه الرسمي «من المحتمل أن 92 دولة المؤهلة للمساعدة بالحصول على اللقاحات وفق آلية AMC قد تكون مطالبة أيضًا بالمساهمة ببعض تكاليف اللقاحات والتوصيل، بمبلغ يتراوح بين 1.6 إلى 2 دولار أمريكي لكل جرعة»، وذلك بغض النظر من أي شركة هو.

وهذا يعني بأنّه بأسوأ الأحوال (وبافتراض 1.2 مليون جرعة ودفع 2 دولار للجرعة) سوف تضطر الدولة أن تدفع لكوفاكس 2.4 مليون دولار للحصول على هذه الدفعة الأولى من جرعات لقاح كوفيد في نيسان. أما بفرض كانت مكونة من 600 ألف جرعة فسوف تدفع الدولة 1.2 مليون دولار بأسوأ الأحوال. أما بحساب الحد الأدنى 1.6 دولار/الجرعة فستدفع 80% من هذه الأرقام (أي إما 1.92 مليون دولار أو 960 ألف دولار). لكن ربما تكون هناك تكاليف أخرى لها علاقة بإعداد البنية التحتية والتدريب ومتطلبات حفظ وتوزيع اللقاح، والتي يجب أن تقوم بها الدولة وتقدّم بيانات بمدى جاهزيتها لاستقبال اللقاح والذي يعتبر شرطاً من شروط تسليمه للدولة من منصة كوفاكس. كما أنّ المبلغ المقدَّر بنحو 266 مليون دولار الذي أعلنت منظمة الصحة العالمية مؤخراً (على حساب تويتر الرسمي لفرعها في سورية) أنها بحاجة إليه لسورية، قالت بأنه من أجل تغطية الاحتياجات الصحية الأخرى، ولا يغطي شيئاً من تكاليف لقاح كوفيد-19.