الشيوعيون.. تجارب ومواقف

الشيوعيون.. تجارب ومواقف

تسعون شمعةً نضيئها في سماء الوطن..تسعون عاماً من عمر النضال الوطني والطبقي سطرها الآلاف من المناضلين الشيوعيين عمالاً وفلاحين ومثقفين من أجل وطن حر وشعب سعيد لم يكن هذا شعاراً أو حلماً طوباوياً راود ثلةً من المناضلين الأوائل بل كان حقيقة سعى إليها الرفاق مستندين إلى تراث شعبنا الكفاحي في النضال الوطني الذي خاضه بعاميّيه ومثقفيه للخلاص من العبودية التي بقيت لقرون تسعى لشدنا إلى دهاليز الظلام والتخلف.

لقد كانت قاعدة الانطلاق لهذا العمل الجبار التأسيس هي تبني نظرية ثورية علمية «الماركسية-اللينينية» يمكن من خلال فهمها واستيعاب منطقها اكتشاف القوانين الاقتصادية والسياسية التي تعمل في ظل علاقات الانتاج السائدة لصياغة المواقف وأشكال وأدوات النضال المطلوبة لخوض الصراع مع القوى السياسية والطبقية، لم يكن هذا الأمر سهل المنال لحزب وليد ببضعة مناضلين شجعان كان على عاتقهم حمل الراية والسير بها إلى الأمام حيث استطاعوا شق الصخر والسير نحو الهدف الذي كان على الأقل مرسوماً في أذهانهم لينتجوا بعدها أجيالاً من المناضلين حملوا الراية مع رفاقنا الأوائل ليتحول الحزب العابر للطوائف والقوميات بعدها إلى قوة سياسية وطنية لا يمكن تجاهلها أو تخطيها في ميزان القوى السائد، وهذا لم يكن ليحصل لو لم ينخرط في المعارك السياسية والطبقية من أجل الدفاع عن مصلحة الفقراء عموماً وبالأخص الطبقة العاملة التي كانت في بداية تشكلها الأولي مع تطور بعض الصناعات ومنها النسيج والريجي والكهرباء«الترامواي»، حيث ناضل الحزب مع العمال لتأسيس نقابات مستقلة لهم تدافع عن مصالحهم، يقول الرفيق إبراهيم بكري في كتابه أوراق حزبية ونقابية عن نشوء النقابات«نشأت النقابات في ظل الأوضاع التالية: 1-تأثير الأزمة الرأسمالية السياسية والاقتصادية(عام1928-1933). 2-تأثير ثورة أكتوبر 3-نضال النقابات في الغرب 4-عوامل داخلية 5-حصول إضرابات كبرى نسبياً من أجل الحصول على حق الرخصة لإنشاء نقابات عمالية وزيادة الأجور ».

 

الوزن السياسي والدور الوظيفي 

تعزز وزن الحزب السياسي في البلاد مع تعزز دوره الوظيفي الذي عكسته جملة البرامج والمواقف الجذرية من الاحتلال الفرنسي وضرورة تطوير النضال بكل أشكاله العسكرية والجماهيرية والسياسية حتى تحقيق الجلاء الكامل عن أرض الوطن وفي مواقفه من الأحلاف العسكرية الاستعمارية للقوى الإمبريالية قديمها وجديدها وفي النضال ضد الاقطاع، ومن أجل حقوق الطبقة العاملة السياسية والديمقراطية حتى أن الجماهير قد أطلقت عليه تسميات عده تؤشر إلى دوره الحقيقي الذي يقوم به فعلاً على الأرض ومن التسميات حزب الجلاء وحزب الخبز.

الرؤية والتوازنات الجديدة. 

لم تكن العودة إلى الماضي من باب السرد التاريخي بل من أجل رؤية تراثنا الثوري بعين المستفيد منه بكل ما له وما عليه خاصةً وأن الحزب قد مرَ بمرحلة تراجعات، أفقدته دوره الوظيفي ووزنه السياسي المرتبط بهذا الدور المفترض لأسباب عدة منها الفكري والسياسي والتنظيمي وشكل ومضمون التحالفات التي عقدها الحزب في العقود المنصرمة جميعها اجتمعت وأنتجت فصائل شيوعية وليست حزباً شيوعياً يمتلك الرؤية والخطاب والأدوات التي يمكن من خلالها أن يقوم بدوره الوظيفي الذي عبر عنه مشروع برنامج حزبنا حزب الإرادة الشعبية في مقدمته حيث جاء فيها(يمثل حزب الإرادة الشعبية في رؤيته وبرنامجه مصلحة الطبقة العاملة وسائر الكادحين السوريين، ويناضل من أجل اعترافهم به كممثل لمصالحهم ويرى في ذلك الاعتراف مدخله الأساسي لتحقيق دوره الوظيفي في بناء الاشتراكية في القرن الحادي والعشرين، يعتمد حزب الإرادة الشعبية الماركسية-اللينينية مرجعيته الفكرية، والتي يعمل على تطبيقها بشكل خلاق من خلال التجربة والعمل بين الجماهير ومن خلال المراجعة الدائمة لحدود الثابت والمتغير فيها بعيداً عن أمراض العدمية والنصوصية).

إن الرؤية العلمية للتطورات الجارية على الصعيد العالمي من حيث عمق الأزمة العامة للرأسمالية وتغير موازين القوى العالمي واكتشاف هذا التغير مبكراً،  جعلت الحزب يستنتج ويصيغ خطه السياسي على أساس من تلك التحولات العميقة الجارية التي تتمثل في انسداد الأفق التاريخي أمام الرأسمالية وبالمقابل انفتاحه واسعاً أمام الحركة الثورية والشعوب الأمر الذي رتب علينا مسؤوليات كبيرة فكرية وسياسية وتنظيمية عبرنا عنها بأدبيات حزبنا المختلفة الذي جسده الشعار الأساسي خلي التغيير حقيقي وهذا التغيير المطلوب يستدعي ترابط المهام الثلاث دون انفصال بينها وهي«الوطنية، والاقتصادية-الاجتماعية، والديمقراطية» استناداً لهذا الترابط في المهام كوَنا رؤيتنا وصغنا مهامنا فيما يتعلق بالموقف من الحركة النقابية التي نعتبرها حركة وطنية ولها دور في عملية التغيير التي ينشدها شعبنا، ومنه الطبقة العاملة السورية التي عانت وتعاني من السياسات الليبرالية ومن النهج الاقتصادي الذي جرى تبنيه وبناءً على هذه المعطيات قلنا أن الحركة النقابية تتحمل مسؤولية الدفاع عن حقوق ومصالح الطبقة العاملة في مواجهة تلك السياسات ومن يمثلها من قوى داخلية وبالخارج وهذا يستدعي من الحركة النقابية الخروج من عنق الزجاجة عبر مراجعة تجربتها السياسية والتنظيمية والظرف الحالي يسمح بهذه المراجعة للخروج ببرنامج عمل يمكن الطبقة العاملة من الدفاع عن حقوقها ومطالبها، حيث هي مقيدة قدراتها وإمكاناتها بمجموعة من القيود تمنعها من التعبير عن مصالحها بينما قوى رأس المال وقوى الفساد الكبير تسرح وتمرح دون رقيب أو حسيب في الوقت الذي نعيش في أزمة حقيقية تهدد وحدة بلادنا أرضاً وشعباً حيث يتطلب الوضع استنفار كل الطاقات الوطنية للدفاع عن الوطن ولحماية اقتصادنا الوطني من ناهبيه ومدمريه.          

وأخيراً نعيد ما جاء في مقدمة برنامجنا الانتخابي العمالي: إن الطبقة العاملة السورية وقيادتها النقابية مدعون اليوم إلى الإسهام الفعال في الدفاع عن وحدة البلاد في وجه أعداء الداخل والخارج عبر الدفع باتجاه الحل السياسي الشامل والناجز الحقيقي للأزمة الذي يشكل في الوقت ذاته أحد أهم أدوات مواجهة القوى الإرهابية والتكفيرية.