عرض العناصر حسب علامة : تونس

على ضفاف تونس...

عندما كـُتِبَتْ افتتاحية «قاسيون» للعدد الماضي 485 يوم الأربعاء 12/1/2011، تحت عنوان «كيمياء الانفجار»، اعترف أنني ممن لم يكونوا يتوقعون سرعة تطور الأحداث في تونس بالوتيرة التي سارت عليها وبالسيناريوهات والقراءات الواردة في تلك الافتتاحية، بما فيها، بعد استهلال التقديم المنطقي لـ«معادلات الانفجار» و«الرد البوليسي» عليه، التأكيد على «تداخل المصالح والأصابع»، «وأدوار القوى من داخل النظام والقوى الإقليمية والدولية»، وضرورات التمييز بين «المحرك والحركة ومحاولات التحكم»، ومحاولات ركوب موجة انتفاضة التونسيين ومصادرة دورهم «من جميع الأطراف»، مع التأكيد على وجود حواضن «الانفجار الشعبي الحقيقي والمشروع في تونس»...

تونس: الشعب ينتظم في مواجهة الفوضى المبرمجة .. النظام في طور الهجوم

جاء خبر تنحي بن علي عن السلطة مفاجئاً للجميع، مما يشير إلى انقلاب داخلي ضمن النظام، فبعد انقضاء شهر عجز فيه بن علي عن قمع الانتفاضة، حان الوقت لكي يبحث داعموه الغربيون (فرنسا والولايات المتحدة) عن بديل، وفي ما يشابه حالة جورج بوش، سيلقى بالذنب على شخص الرئيس المخلوع ومن ثم يستمر النظام سياسياً واقتصادياً.

شمس الحرية تشرق من الغرب

الديمقراطية: مصطلح غير عربي ينطوي على مضامين عديدة, تدور بمجملها حول الحرية والتعددية, اللتين هما سمتان مغيبتان عن معظم شعوب المنطقة, كونها ترزح تحت حكم الأنظمة الدكتاتورية في غالب الأصقاع العربية, وهذا ما دفع الغرب الأجنبي إلى تعبئة قواته ومعداته تحت مظلة هذا المصطلح– أي الديمقراطية- وإرسالهم إلى بقاع عديدة تعاني من نقص في التطبيق الفعلي لهذه المصطلحات على أرض الواقع.

انتفاضة الشعب التونسي.. إلى الأمام

انتفض الشعب التونسي وثار ضد نظام الحكم الرأسمالي التابع العميل. وأثبت الثوار رغم أقصى درجات القمع الوحشي الدموي الذي مارسته قوات الأمن الجرارة، وسقوط عدد كبير من الشهداء أنه ليس بالأمن وحده  يمكن أن تعيش مثل هذه النظم المستبدة، وأن الصمود وبسالة المواجهة تحقق نتائجها في النهاية، رغم الأخطار الماثلة، ومحاولات الاحتواء التي تقوم بها قوى النظام التي ما زالت تعشش في تونس، وسادتهم الامبرياليين وفي مقدمتهم الفرنسيون والأمريكيون، وعمليات العنف التي تقوم بها عصاباتهم لاجهاض الانتفاضة الثورية قبل اتمام مهامها.

بصدد انتفاضة الشعب التونسي الباسلة

انتفض شعب تونس، وتمكن من الصمود أمام آلة القمع الحكومية. تساقط الشهداء، وسالت الدماء، إلى أن هرب الطاغية. هذا هو ثمن الحرية التي لا تأتي بالتوسلات والتشكي.

أعطى شعب تونس نموذجاً عملياً لكيفية مواجهة الطغاة، يستحق تحية اجلال وتقدير، وتضامناً صادقاً ومطلقاً.

كان أهم ما كشفت عنه الانتفاضة هو أن النخبة السياسية المعارضة كانت في غالبيتها جزءاً من النظام الحاكم، ومجرد ديكور لما يروج له الغرب الامبريالي تحت ما يسمى تعددية حزبية لا تمثل خطراً على النظام الاجتماعي. لذلك فقد تجاوزتها الجماهير، وظلت هذه الأحزاب في غيبوبتها حتى هروب الطاغية.

سلطة رام الله المحتلة والزلزال التونسي... مقــاربة أوليــة

جاء التحرك العفوي للشعب التونسي، مفاجئاً للغالبية العظمى من الأنظمة والشعوب. أنظمة الغرب الاستعماري، التي ساهمت بعملية خداع طويلة عبر ماكينة إعلامية هائلة، على التسويق والإشادة بالنموذج التونسي للتنمية والحداثة، كانت قد لعبت دوراً أساسياً في التعتيم على حكم الاستبداد، والمافيا العائلية، والتهميش لملايين المواطنين. حكومات النفاق الغربي صمتت على مدى ثلاثة أسابيع، لكنها انتصرت في النهاية لمصالحها، وتخلت عن وكلائها الرسميين، في محاولة مكشوفة لركوب موجة التغيير. أما غالبية الحكومات العربية، فقد تابعت الحدث بقلق «مشروع» على كياناتها المتماهية مع حكومات تونس المتعاقبة على مدى ربع قرن، مبدية، تارة تفهمها للإرادة الشعبية بعد فرار الرئيس المخلوع، ومعلنة، بشكل موارب، خوفها على الاستقرار وأمن المواطنين! وفي كلتا الحالتين كانت شوارع العديد من المدن العربية تموج بالتحركات العفوية المؤيدة للانتفاضة التونسية، بل تعدى ذلك التأييد، لمحاولة تعميم نموذج الشهيد «محمد البوعزيزي» في حرق جسده، على بعض ساحات العواصم والمدن، على أمل أن تحرق نيران الأجساد الجديدة، هشيم البؤس والاضطهاد الممتد على مساحات واسعة من الوطن العربي.

من بوعزيزي تونس إلى علياء مصر

البارحة بينما كُنت أتابع مشروع كورال على صفحةِ الفيس بوك، بعد أن صار لهم صفحة خاصة بهم ينشرون من خلالها أعمالهم، ويستقطبون من خلالها الأصدقاء كتبتُ تعليقاً على أغنية «إيه العبارة - مشروع كورال» أقول: «رائعون بلطجية العصر الجديد، إنهم يمارسون بلطجتهم على كُل ما هو ثابت حتى الموسيقا، يصنعون عصراً خاصاً بهم، دونَ أي تردد أو خجل، فقطلأنهم يؤمنون بأنه من الشرعي أن يكون لقدَمِهِم أثر في التاريخ.. إنه عصرنا»، وكُنتُ أقصد العبارة حرفاً حرفاً، لأن هُناكَ تمرداً عربياً شبابياً يشبه الإعصار؛ هناك صراعٌ دائرٌ الآن بينَ القديم والجديد بطريقةٍ ربما تكون الأخطر على مرّ التاريخ العربي، وهذا هو السبب الذي قطعَ سهرتي الجميلة الآن، لأختلي وأكتب هذه الكلمات، وهو السبب نفسه أيضاً الذي دفعَ بعضالشباب -هواة المونتاج- أن يحولوا كلمات القذافي في خطابهِ الشهير بعد الثورة وهو يهدد أبناء شعبه لأغنية نتناقلها فيما بيننا، كنوعٍ من الاستهزاء والسخرية، ولكي يُظهر الشباب للعالم أجمع أنهم ليسوا في «زنقةٍ» من أمرهم.

 

شكراً... راشد الغنوشي

سوف يكون ضرورياً توجيه الشكر لزعيم حزب النهضة التونسي، راشد الغنوشي، على التصريحات التي أدلى بها، والمواقف التي أعلنها، في «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى». ذلك أنها ببساطة، تضع العرب عامة والفلسطينيين على وجه الخصوص، في مواجهة وقائع جلية، وتخلصهم من التنقيب في المواقف، والغوص في التأويلات. ومن البقاء في حالة الانتظارالقائمة، والترويج إلى أن «الربيع العربي» سوف ينهمر «شتاءً مباركاً» في فلسطين.