القطاع الصناعي خطوات باتجاه التشغيل أم الإنهاء؟
فوضت رئاسة مجلس الوزراء وزارة الصناعة بتشكيل لجنة مهمتها إعداد مشاريع الصكوك التشريعية لحل جميع الشركات المدمرة كلياً، والمتوقفة عن العمل،
فوضت رئاسة مجلس الوزراء وزارة الصناعة بتشكيل لجنة مهمتها إعداد مشاريع الصكوك التشريعية لحل جميع الشركات المدمرة كلياً، والمتوقفة عن العمل،
القطاع العام والخاص الصناعي أكثر القطاعات الاقتصادية التي أثارت وما زالت تثير جدلاً واسعاً في الأوساط النقابية والاقتصادية، وهذا طبيعي كون هذا القطاع الهام هو الدريئة التي جرى تصويب النيران الغزيرة عليها من جانب قوى السوق، ومن داخل جهاز الدولة، وذلك عبر إجراءات جدّية اتخذتها بحقه الحكومات السابقة والحالية والفرق الاقتصادية الملحقة بها.
شكلت الحكومة لجنة عليا للنظر في إصلاح مؤسسات القطاع العام الصناعي بمشاركة جهات مختلفة حكومية ونقابية، حيث عقدت اللجنة أكثر من اجتماع من أجل تحديد من أين ستبدأ الحكومة في عملية الإصلاح المنشودة؟
ناقشت اللجنة العليا لإصلاح القطاع العام الاقتصادي خلال اجتماعها الثالث من نوعه ورقة إصلاح القطاع العام النسيجي بما يسهم في زيادة الطاقات الإنتاجية وتخفيض التكاليف وتصريف المخازين الموجودة لدى المؤسسة ورفع القدرة التنافسية للمنتج النسيجي السوري في الأسواق المحلية والعالمية.
تمرُّ الصناعة السورية في القطّاعين الخاص والعام بلحظات حرجة وتعثر في الاستفادة القصوى من إمكاناتها التي تراكمت عبر عشرات السنين، والتي يجري التفريط بها على مذبح المشاريع السياحية وغيرها من المشاريع التي ناتجها العام ليس لمصلحة البلاد في عملية التنمية المطلوبة في هذه الأوقات العصيبة من عمر الأزمة الوطنية، التي لم تبقِ ولم تذر من مقومات الاقتصاد الحقيقي، ليس بفعل الحرب فقط، ولكن بفعل السياسات الاقتصادية ونموذجها الليبرالي الذي سعى ويسعى في كل لحظة إلى تحقيق أعلى معدلات من الربح وعلى حساب الاقتصاد الوطني برمته، وبالخصوص على حساب الصناعة الوطنية التي مخزونها كبير من الخبرة والإمكانات والقدرات لتجاوز أوضاعها التي وضعت فيها، وتمنعها من إعادة تدوير عجلة إنتاجها.
وضعت خمسة شركات عامة ضمن خطط التصفية والتشاركية بشكل رسمي، وهي: (شركة بيرة بردى، شركة اليرموك للمعكرونة، شركة الشرق بحلب، شركة غراوي، كونسروة الميادين)، وذلك تحت عنوان تطوير الأداء وتحسينه، ومن أجل الاستمرار بالعملية الإنتاجية.
أصبحت أخبار لجان ومشاريع إصلاح القطاع العام الاقتصادي واحدة من أكثر الأخبار المحلية السورية رتابة وخواء... وبالمقابل، فإن الأفعال لا تبشّر بالخير. فعملياً (الإصلاحات) التي طالت القطاع الاقتصادي العامّ مؤخراً أتت على شكل تغييرات كبرى: إصلاح عبر المستثمرين بعقود مجحفة ومزايا كبيرة وحصيلة قليلة، كما في الفوسفات والإسمنت والمرفأ...
إن القطاع العام الاقتصادي، هو كثافة دور الدولة القوي والذكي والمرن المطلوب في المرحلة القادمة، والذي يجب أن يقوم على أساس تجاوز تشوهات الماضي، والأهم على ضرورات المستقبل.
لم يقف تسارع الأداء الحكومي عند عنوان «إصلاح القطاع العام الاقتصادي»، وما رشح عن مضمون اجتماع لجنته خلال الأسبوع الماضي، فقد عقد «المجلس الأعلى للتشاركية» اجتماعه الثاني بداية هذا الأسبوع بتاريخ 26/10/2019، وبحسب الموقع الرسمي للحكومة، فقد حدد هذا الاجتماع «خطوات إنجاز مشاريع التشاركية بالتعاون مع القطاع الخاص»، ليظهر تكامل التوجه الحكومي المتسارع نحو الخصخصة.
لأول مرة يتم تسجيل سرعة في الأداء الحكومي، فقد بدأت تهل علينا ملامح التوجهات الحقيقية للسياسات الحكومية بما يخص عنوان «إصلاح القطاع العام الاقتصادي»، الذي تم تشكيل لجنة خاصة به تحت اسم «اللجنة العليا لإصلاح القطاع العام الاقتصادي»، حيث عقدت هذه اللجنة أول اجتماعاتها الأسبوع الماضي، وتداولت بعض وسائل الإعلام مضمون محضر اجتماعها، الذي حمل في طياته الكثير مما يمكن، ويجب، التوقف عنده.
»إصلاح القطاع العام الاقتصادي» عبارة مكررة منذ عقود، ويُعاد تكرارها أيضاً وأيضاً، وتُعقد من أجلها الاجتماعات، وتُشكل اللجان، وتُعد الدراسات، وتُقدم المقترحات، وتُصاغ مشاريع القرارات، بحيث يتم تسويقها وكأنها توجه حقيقي تعمل من أجله الحكومات المتعاقبة، بينما واقع الحال يقول بأن هذا القطاع يسجل كل يوم تراجعاً جديداً، وما زالت جملة صعوباته قائمة ومستمرة، والنتيجة، أن هذه العبارة بحد ذاتها أصابها الاهتلاك والاستهلاك كحاله تماماً.