القطاع الصناعي.. مشاريع رديئة في إصلاحه
عادل ياسين عادل ياسين

القطاع الصناعي.. مشاريع رديئة في إصلاحه

القطاع العام والخاص الصناعي أكثر القطاعات الاقتصادية التي أثارت وما زالت تثير جدلاً واسعاً في الأوساط النقابية والاقتصادية، وهذا طبيعي كون هذا القطاع الهام هو الدريئة التي جرى تصويب النيران الغزيرة عليها من جانب قوى السوق، ومن داخل جهاز الدولة، وذلك عبر إجراءات جدّية اتخذتها بحقه الحكومات السابقة والحالية والفرق الاقتصادية الملحقة بها.

(المشاريع الإصلاحية) كثرت وتعددت أشكالها ومضامينها، وهي ليست بريئة من حيث موقفها «الإصلاحي»، بل هي كسابقاتها من المشاريع التي طُرحت في عهد الحكومات السابقة.
إن واقع القطاع الصناعي الآن ليس في حالة سوء مطلق، وبالرغم من كل ما تعرض له من نهب وإهمال وتخريب بالإضافة إلى ما جرى من هجرة لكثير من الصناعات- وخاصة النسيجية منها- إلى دول الجوار وإلى مصر حتى بات الصناعيون في هذه الدول من الأوائل على صعيد الاستثمار الصناعي وغيره من الاستثمارات، ومع هذا فإنه ضمن إمكاناته المتاحة التي وضع فيها- وجردته من إمكانية تطوره الطبيعي- فإنه ما زال يؤدي دوراً مهماً من خلال مساهمته الفعالة في تأمين الموارد اللازمة لخزينة الدولة، ومع هذا أيضاً ما زال الهجوم مستمراً على دوره.

محاصرة بالإجراءات الإدارية

في الأزمة الحالية المرتبطة بالجائحة الكورانية ينشط القطاع الصناعي في إيجاد وسد النواقص التي لا تؤمنها الحكومة، سواء في القطاع الغذائي أو في الصناعات النسيجية أو في محاولاته لصنع أجهزة التنفس المطلوبة بشدة من أجل مواجهة الإصابات التنفسية الناتجة عن فيروس كورونا، كما يجري الآن في حلب ودمشق، حيث تم العمل على ايجاد تلك المنافس بمبادرة من القطاع الصناعي الخاص، وهذا يؤكد على أهمية دعم القطاع الصناعي بشكل عام باعتباره المخرج الحقيقي لتجاوز الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي أوقعتنا بها السياسات الليبرالية، وجردت بها اقتصادنا الوطني من إمكانية تطوره على أساس تطور الاقتصاد الحقيقي الصناعي والزراعي التي سعت الحكومات على مدار عقود لعرقلة تطوره والتضييق عليه من خلال محاصرته بالإجراءات الإدارية وغيرها من الإجراءات، مما رفع تكاليف الإنتاج، وبالتالي أُعطيت الفرصة الذهبية لموضوع الاستيراد، التي جعلت التحكم بالأسعار أمراً مستحيلاً وجعلت الاحتكار يلعب لعبته في مركزةٍ أعلى للثروة على حساب لقمة الملايين من فقراء الشعب السوري.

الرقابة العمالية والنقابية

إن الحركة النقابية في خضم الجدل الدائر حول المشاريع (الإصلاحية المطروحة،) تتحمل مسؤولية من موقع الشريك للحكومة في قراراتها وخططها المختلفة في الدفاع عن قطاع الدولة والخاص الصناعي دفاعاً حقيقياً، عبر مواجهة تلك المشاريع، وطرح بدائل حقيقية تعبر عن المصالح الوطنية للطبقة العاملة والشعب السوري، والتي من مصلحتها الحفاظ على قطاع الدولة الصناعي قطاعاً رائداً ومتطوراً، وهذا ممكن عبر إعادة تأميم القطاع العام الصناعي من ناهبيه وضخ الاستثمارات الضرورية له لكي يستعيد عافيته ثانية، وانتزاع حق الرقابة على شركات القطاع العام الصناعي والزراعي من خلال الرقابة العمالية والنقابية على أداء هذا القطاع، وهذا يكون بتثبيت حقوق الرقابة دستورياً وكيف ستمارس الرقابة دورها، الأمر الذي سيقطع الطريق على كل العابثين من قوى السوق وحلفائهم في الحكومة، لكي لا يبقى القطاع العام الصناعي مُسخَّراً لتحقيق مصالحهم الاقتصادية والسياسية، التي هي على نقيض من مصالح الشعب السوري، الذي يريد أن يعيش بكرامته وحريته في وطنه.
إن كل المشاريع المشبوهة لإضعاف القطاع الصناعي والتفريط به ستسقط إذا ما استطاعت الطبقة العاملة وحركتها النقابية التخلّص من القيود المفروضة عليها، وتحقيق استقلالية قرارها الذي سيمكنها من الدفاع عن مشروعها في أن يكون قطاع الدولة، وخاصةً الصناعي والزراعي، قوياً وقائداً من أجل التنمية ومواجهة أعداء الوطن بكل تلاوينهم

معلومات إضافية

العدد رقم:
961
آخر تعديل على الإثنين, 11 أيار 2020 12:31