حرب، جوع، فقر.. وحكايا حبيسة جدران عيادات الأمراض النسائية السورية
كانت سلام الحلبي قاب قوسين أو أدنى من الموت، لكنها عاشت وحكت لنا الحكاية!
كانت سلام الحلبي قاب قوسين أو أدنى من الموت، لكنها عاشت وحكت لنا الحكاية!
قامت الصين مؤخراً بإطلاق حملة خاصّة للحد من بعض العادات والتقاليد المتعلقة بمراسم الزواج، حيثُ أصدرت وثيقة السياسة الرئيسية أو «الوثيقة المركزية رقم 1» لعام 2023 في الرابع عشر من شهر شباط الجاري، والتي تتضمن مجموعة من الإجراءات كان من بينها قرار تقليل مهر العروس وتخفيف التكاليف الباهظة التي تُصرف على مراسم الزواج.
عندما كنّا صغاراً كان كل واحد فينا يختار أسماءً لأبنائه وبناته المستقبليين، وفي سنّ المراهقة عزم البعض على إشاعة ألقابٍ خاصة بهم من قبيل «أبو فلان» و«أم فلانة»، ليأتي ذلك «المستقبل» الذي عرفنا فيه بأن خيار الزواج وإنجاب الأطفال بات صعباً بما فيه الكفاية ليبقَى اللقب هائماً بين الجموع من دون أن يرسى على واقع يحوّله إلى حقيقة.
طالبت مجموعات حقوقية كويتية بتقديم اقتراح لوزير العدل في البلاد، بضرورة إلزام الزوج بإبلاغ زوجته الأولى في حال زواجه بثانية.
منذ أيام تغيّب رئيس الورشة في شركتنا عن الدوام ليومين متتاليين. ولدى عودته ومباشرته العمل، لاحظتُ أن الزملاء يحيّونه قائلين له: (الحمد الله على السلامة) وبدوري حيّيته بنفس العبارة مقلّداً ومستوضحاً في الوقت ذاته عن سبب غيابه.. أجاب مبتسماً:
- الله يسلّمك.. لقد كنت في مدينة حلب، ذهبنا لنطلب يد صبية من هناك..
عندما وصلتْ إليه، هبّ واقفاً وقفزت من عينيه نظراته الملهوفة المتسائلة، حتى أنه لم يتمكن من الردّ على تحيتها. وبادرها مستوضحاً:
- طمّنيني حبيبتي! حنطة أم شعير؟
مذ ولدنا ونحن محبوسون في زجاجة مدورة، ليس فيها إلا نحن وشيء من الخوف يلاحقنا، يبدأ بحجم الدودة ثم ما يلبث أن يعشش في أذهاننا وينخر في عقولنا حتى نراه وحشاً ضارياً يفتك بنا.
ثمة ظاهرة تنتشر بكثرة في المجتمع السوري اليوم، وتنتقل من بيت إلى بيت وتتفشى كالوباء دون أن يشعر أحد بها، كونها تبدو «طبيعية» ومن «روتين الحياة» وأنها ضريبة للزواج، لكنها بالحقيقة داء يتهدد المجتمع لما يحمله من آثار سلبية تنعكس على الأسرة والمجتمع الذي يزداد غربة وتوجعاً يوماً بعد يوم تحت ضربات الواقع الاقتصادي الاجتماعي المتردي..
أرادتها القبيلة؟؟ حسناً لها ما تريد.. هذه الذات لن تنفع معها إبرة تهديد مهدئة، أو مسمار وعيد يُدق في إصبعها.. ولكن إن لزم الأمر أن أتزوج «للتناسل»، على الأقل، فسأفعل، وهنا أضمن إنجاب ذرية مثلي وتكون «براقش» قد جنت على قومها.. ومع وقفة تأمل عميقة حول موقف خطير أطلقته جدتي في إحدى السهرات: «اليوم تتدللين وتختارين، وغداً تتمنين زبالاً..»، مع احترامي وإجلالي لصنّاع النظافة في زمن النفايات المستوردة على جميع الأصعدة. وبما أنني بلغت سن اليأس، أي منتصف العشرينات ولم أتزوج بعد، وبما أن الأمر يثير حفيظة العائلة والجيران والأقارب والصديقات (دون الأصدقاء)!! ونظراً لهذا التآزر الكبير فيما بينهم ضد قراري بالحرية المؤقتة، ريثما أصادق على وثيقة «استيطاني» المجمّد حالياً..
تعد مكافحة الظواهر التي تؤثر سلباً على استقرار المجتمع وتطوره، وعلى سيادة القانون واحترامه، من أبرز أهداف القانون. ورغم إدراك السلطة التشريعية في سورية لهذه المهمة الأساسية، الذي يمكن تلمسه من خلال العقوبات القاسية المفروضة على جرائم التهريب، والجرائم الاقتصادية على سبيل المثال، فإن الكثير من الظواهر الاجتماعية المتخلفة لا تزال خارج سلطة القانون. والسؤال هنا، لماذا يصرُّ القانون السوري على محاباة بعض الظواهر الاجتماعية، المستندة إلى الأعراف والعادات البالية؟