الصين تحارب العادات البالية للزواج

وعلى الرغم من أنّ عادة تقديم مهر للعروس يعدّ من التقاليد القديمة في المجتمع الصيني وشرطاً للزواج (حيث يعدّ كبادرة حسن نيّة بين الزوجين وعائلتيهما) إلا أن ارتفاع المهر إلى مستويات عالية جداً وصلت في بعض الأحياء إلى 30 ألف دولار قد أدّى إلى تزايد نسبة العازفين عن الزواج، جنباً إلى جنب مع تكاليف العرس ككلّ، والتي تعدّ أيضاً من التقاليد المجهدة وخاصةً للعائلات في المناطق الريفية.
يُذكر أن هذه الحملة ليست الأولى من نوعها في محاولة الصين للتشجيع على الزواج، حيث أطلقت السلطات الصينية في عام 2021 تجربة رائدة تمتد إلى ثلاث سنوات من أجل «إصلاح تقاليد الزواج» بهدف التصدي للتكاليف الباهظة التي أدت إلى تراجع معدل الزيجات، وبالتالي انخفاض معدل المواليد. وتعاني الصين اليوم من تراجعٍ حادّ في النمو السكاني ظهر بشكلٍ واضح في العام الماضي حيث كانت نسبة الوفيات أعلى من نسبة المواليد في سابقةٍ من نوعها منذ حوالي الستين عاماً. ولكن دلائل هذا التراجع في النمو السكاني كانت واضحة على ما يبدو منذ سنين مضت، حيث تم التخلّي عن سياسة «الطفل الواحد» والسماح بإنجاب طفلين في العام 2015، ومن ثم تمّ السماح بإنجاب 3 أطفال كحدّ أقصى في العام 2021. يُضاف إلى ذلك تقديم معونات مالية للأسر المقبلة على الإنجاب وزيادة فترة الأمومة وإعطاء إجازة للآباء أيضاً.
نصّت الحملة أيضاً على أن حفلات الزفاف يجب ألا تحتوي على أكثر من 20 طاولة في كل من المناطق المدنية والريفية، على ألا تزيد تكلفة كل طاولة عن 880 يواناً (129 دولاراً) في المناطق المدنية و480 يواناً (70 دولاراً) في المناطق الريفية.
وعلى الرغم من الجهود الحثيثة المبذولة لتشجيع الزواج والإنجاب في الصين إلا أن جزءاً من المجتمع ما زال تحت تأثير سياسة «الطفل الواحد» وهذا طبيعي بحكم أن جيلاً كاملاً قد نشأ على هذه الفكرة وكما هو معروف فإنّ مهمّة تغيير الأفكار والبنية الفوقية في المجتمع لن تحقّق نتائج سريعة كما هو الحال مع تغيير البنية التحتية، ولكن الجهود المبذولة والعمل الحثيث قد يؤدي في نهاية المطاف إلى تحقيق مساعي الصين في احتواء مشكلة التعداد السكاني، وبالتالي الحفاظ على مكانتها الاقتصادية عالمياً.