الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين
إعداد: أحمد الرز
المصدر: The Valdai Discussion Club
إعداد: أحمد الرز
المصدر: The Valdai Discussion Club
تزامن تجدّد التوتر بين الجارين النووين، الهند وباكستان، حول إقليم كشمير خلال الأسابيع الماضية مع محاولات أخرى لتفعيل بؤر توتر في نقاط جغرافية مجاورة، كاحتجاجات هونغ كونغ المدعومة غربياً، وعودة واشنطن لتسليط الضوء على أقليّة الإيغور في إقليم سين كيانغ الصيني، وغيرها. ويظهر تتبع خريطة بؤر التوتر المذكورة أن مشروع «الحزام والطريق» الصيني هو المستهدف الأبرز لتلك التحركات
دخلت احتجاجات هونغ كونغ أسبوعها العاشر على التوالي، وبات الضوء مسلطاً عليها بكثافة خلال الأيام الأخيرة، بعد ارتفاع منسوب أحداث العنف، وبعد جملة من التصريحات والتدخلات الغربية، والردود الصينية عليها.
اجتمعت مؤسسة صناعات المعادن النادرة الصينية (ACREI) مؤخراً في هذا الأسبوع، وهي التي تضم أكثر من 300 منجم، ومُنتج، ومصنع، وكان اجتماعها بخصوص إجراءات الرد على الحرب التجارية ورفع الرسوم الأمريكية، في إشارة إضافية إلى إمكانية استخدام الصين للمعادن النادرة (سلاحها الثقيل) في الحرب التجارية، المسألة التي يعتبرها البنتاغون مسألة أمن قومي...
دخلت الصين سريعاً وبقوة خلال العقد الماضي إلى عالم الصناعات عالية التكنولوجيا... محتلة مواقع متقدمة جداً في العديد من التكنولوجيات العالية، وفي عالم الكمبيوترات عالية الأداء High-Performance Computing تسابق الصين الولايات المتحدة بتسارع قياسي... لتتحول إلى الأولى عالمياً بعدد الكمبيوترات، والقدرات الحسابية الكلية، والأهم يبدو أنها في طريقها لتتصدر العالم في إطلاق الجيل القادم من الكمبيوترات الفائقة exascale computing.
بينما تواصل روسيا والصين حضورهما على الساحة الدولية كقوى دولية تملك ما تملك من قدرات عسكرية واقتصاد، هو الاقتصاد الأكثر تأثيراً في العالم. تكثر التحليلات السياسية التي تقول: إن واشنطن تحاول أن تستفرد بإحدى الدولتين وتحييد الأخرى. وكانت المادة التي بُني عليها هذا التحليل هي بوادر الانفراج الروسي الأمريكي الذي عبر عن ذاته في اجتماع سوتشي الأخير، في مقابل اشتداد موجة العقوبات الأمريكية ضد الصين، فهل في واقع العلاقات الروسية الصينية ما يدعم مثل هذا الاعتقاد؟
لقد تمّ انتخاب رجل الأعمال الملياردير ترامب لأنّه حمل شعار «لنجعل أمريكا عظيمة من جديد» الذي ضرب على مزاج العامة الغاضبين من التفكيك الصناعي لأمريكا، ومن الطريقة التي تنهب فيها وول ستريت كلّ شيء. لقد عكس انتخاب ترامب إقرار الطبقة الحاكمة الأمريكية بالحاجة لاتخاذ إجراءات ضد التراجع في المنافسة المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين على التكنولوجيا المتقدمة، وللتنافس على الأسواق/ المواد الخام وازدياد التوترات الجيوسياسية.
د. ليون تريسل
تعريب: عروة درويش
تشن أمريكا حربها التجارية على العالم كلّه، وإن كانت تظهر بشكل أكبر على الصين، لكن هذا لا يعني أن الولايات المتحدة الأمريكية تستثني أحداً من عقوباتها وتهديداتها، من حيث الشكل: تريد أمريكا كبح نمو الاقتصاديات المعادية كما تصفها الألة الإعلامية الأمريكية، ووزير الخارجية مايك بومبيو، لكن في المضمون كل ما تقوم به أمريكا: هو تدمير تلك المفاهيم الاقتصادية الكلية، أي: مجموع السياسيات النقدية والمالية التي حاربت من أجلها أمريكا أكثر من سبعين عاماً.
تتبنى الصين في صعودها الاقتصادي الجاري، وفي إدارة موقعها الدولي بين الدول الكبرى على قاعدة بسيطة: المنافسة وتحقيق التقدم في عالم الغد وتكنولوجياته، وليس العراك على الصدارة ضمن الأطر السائدة اليوم. المعركة الجارية حول شركة هواوي هي تجلٍّ لإتيان هذه الإستراتيجية لثمارها في واحدة من المجالات التكنولوجية الرائدة، وهي تعبير عن محاولة يائسة، وذات نتائج عكسية، لقوى العالم القديم على إيقاف هذا المسار.
رفعت واشنطن التعرفة الجمركية على بضائع مستوردة صينية بقيمة 200 مليار دولار من 10% إلى 25%، وقد دخلت هذه التعرفة قيد التطبيق بتاريخ 10-5-2019، بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي ترامب أنّ رفع التعرفة سيعمل بشكل أكثر فعالية وسرعة من الاتفاقيات التجارية التقليدية، حيث لا داعيَ لتسريع المفاوضات التجارية بين الصين والولايات المتحدة... لتعود المعركة التجارية إلى واجهة التوتر.
أخذت الإدارة الأمريكية قرارها برفع التعرفة في اليوم الأخير من جولة المفاوضات التجارية الأخيرة بين البلدين... التي كان يراد منها وقف التصعيد التجاري، وصرح الرئيس الأمريكي (المدفوعات الكبيرة من التعرفة الجمركية تذهب مباشرة إلى الخزينة الأمريكية، التعرفة ستجلب مزيداً من الثروة إلى بلادنا، أكثر مما ستجلبه صفقة استثنائية من النوع التقليدي، (إن نتيجة التعرفة أسرع وأسهل). كما أنه أشار إلى أن نسبة 25% ستطال قريباً باقي البضائع الصينية المستوردة، التي تبلغ قيمتها 325 مليار دولار.