دعوات تسلح الحراك، لمصلحة من؟
كان موضوع المسلحين ومازال محل جدل واسع لدى الرأي العام السوري، باختلاف آرائهم عن الأزمة ومشروعيتها من عدمه.
كان موضوع المسلحين ومازال محل جدل واسع لدى الرأي العام السوري، باختلاف آرائهم عن الأزمة ومشروعيتها من عدمه.
نمتلك كسوريين لحظة تاريخية للقيام بمراجعة جدية لواقع عملية التغيير، فأن تنطلق الحركة الشعبية هو نتيجة موضوعية لواقع تراكمت فيه التناقضات وازدادت حدة. البداية كانت في درعا ومن ثم تتابعت الأماكن ..
تعالت، في الآونة الأخيرة، أصوات عربية عدّة، رسمية وغير رسمية، تطالب بتسليح المعارضة السورية، وتمكينها من وسائل الدفاع الذاتي في وجه الأجهزة النظامية، وتزايدت وتائر تلك المطالبة بالتسليح حتى حينما أحجم الأميركيون والأوروبيون أنفسهم عن المطالبة بذلك، ونأوا بأنفسهم عن مثل هذه الدعوة، بل وسارع بعضهم إلى التحذير منها مخافة فتح الباب أمام الحرب الأهلية، وزعزعة الاستقرار في المنطقة.
شرت صحيفة قاسيون في تاريخ 332012،في العدد 542 الصفحة13، مادة بعنوان«حراك شعبي.. وسفارات خمس» للكاتب عيسى المهنا تناولت بشكل أساسي ما أنتجه الحراك الشعبي سياسياً في البلدان العربية في(مرحلة الانفجار العربي الكبير مختصراً بمشهد اليوم الذي انطلق من تونس مروراً بكل من مصر وليبيا واليمن والبحرين وصولا إلى سورية 1532011)، الإقتباس للكاتب الذي قدم في بداية مقاله تحليلاً موجزاً للواقع الدولي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حتى الآن، ولطبيعة الأنظمة في بلدان العالم الثالث الناشئة في ظل التوازنات الدولية الناشئة بعد الحرب، بين الطرفين المنتصرين فيها، الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأمريكية، محدداً محطات أساسية في تاريخ أنظمة بلدان الأطراف وانقسامها بين المعسكرين المنتصرين ..
أسأل: هل يجهل من يدبرون التفجيرات في سورية، أنها ستصيب مواطنين أبرياء، ربما أكثر بكثير مما تصيب رجال أجهزة الأمن؟!
وبأي منطق، ومعايير أخلاقية، ودينية، و(ثورية)..يمكن أن يبرروا ما يلحقونه من موت وخراب بحياة وممتلكات المواطنين السوريين، الذين يدعون أنهم يريدون (تحريرهم) وإنقاذهم من نظام الحكم؟!
انتهى زمان: «هص لا يأكلك البس»، و«الحيطان لها آذان».. و«امشي الحيط الحيط وقول يا ستّار».. وضع في أذنٍ عجين وفي الأخرى طين.. ابعد عن الشرّ وغني له .. واحكي في كل شيء إلاّ السياسة فقد كان لها أكثر من خطّ أحمر.. اللي ما يخاف الله خاف منه.. وكثيرةٌ هي العبارات والأمثلة التي استخدمت سابقاً ليس لكتم أنفاس الناس فقط وإنما لإحباطهم أيضاً
يدرك الجندي المتمرس أن البنادق لا تقتل الناس، بل الناس هم من يقتلون الناس. كما يدرك أيضاً أن البنادق تختلف باختلاف حامليها..
يتعرض الحراك المطلبي لشعبنا السوري العظيم في الوقت الراهن لخطر حقيقي و كبير يتمثل بالمظاهر المسلحة التي كانت دخيلة على طابعه العام و أضحت سمة مميزة تحدد في بعض المناطق أقساماً كبيرة نسبياً من صفوفه..التاريخ يعلمنا _كعادته_ أن عسكرة أي حراك اجتماعي سياسي هي المسمار الأول في نعشه والخطوة الأولى على طريق فنائه ونهايته..وغالباً انتهت أعظم الأفكار بسيوف حامليها عن قصد أو غير قصد..هنا لا أقصد أن أنتقد الحركة الثورية المسلحة التي تمثل الانعكاس النهائي لسنوات وسنوات من النضال السياسي الاجتماعي السلمي والترجمة الأخيرة لانتصار الفكرة الثورية والتي تكون بالضرورة محدودة الانتشار والمدة وقليلة الدماء ومعبرة عن النقلة النوعية في وعي المجتمع ككل، ولكني أعني بشكل خاص ذاك السلاح المُشَوَه المُشَوِه لحركة وسمعة الشارع...
* يجري في الصحف الإسرائيلية حالياً تركيز واسع على التسليح السوري، ضمن ما يفترضون أنه استعداد سوري لشن حرب على «إسرائيل».. ما دلالة هذا الضجيج الإعلامي الصهيوني في هذا الوقت بالذات؟
جاء ما جرى في جسر الشغور، وقبلها في تلكلخ، وبابا عمرو، والطريقة التي تفاعلت فيها الأحداث، مع دخول تركيا على الخط، بما يحمله هذا الدخول من تأويلات ومن قراءات، وفي النهاية من مصالح محددة وإستراتيجية، إضافةً إلى توسع ظاهرة حمل السلاح من جانب جزء صغير يتستر بالحركة الشعبية، السلاح الذي كان يُحمل في البداية، بذريعة رد الفعل على طريقة التعاطي الأمنية المترافقة مع «انقطاع الرجاء» من المعالجة السياسية وشكليتها حتى اللحظة، ولكن السلاح الذي بدأ يجد من يدعو إليه جهاراً نهاراً تحت مسمى «الجهاد»، والتدخل الخارجي الذي بدأ يجد من يستنجد به تحت مسميات وشعارات حقوق الإنسان وحماية المدنيين.. جاء كل ذلك ليؤكد دخول الحركة الشعبية في طور جديد، ولعله عنق الزجاجة الذي ستضمن الحركة، بمرورها السلس منه، مستقبلها اللاحق ومستقبل سورية بأسرها، وإلا فإن الحركة الشعبية وفي حال اشتداد تأثير الخطرين موضع الحديث عنهما، أي التدخل الخارجي من جهة، وحمل السلاح من جهة أخرى، فإنها ستصب مصباً غير شعبي في المحصلة..!، أي أنها ستصب في مصلحة القلة النهابين، وفي مصلحة المشاريع الخارجية المعدة سلفاً لتفتيت سورية وابتلاع المنطقة.. وفي غيرمصلحة الناس الذين خرجوا للشوارع ودفعوا دماءً سوريةً أصيلة، ليطالبوا بحقوقٍ طال انتظارها..