مركز دراسات قاسيون
email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
لم يبدأ تاريخ القضية الفلسطينية في 7 تشرين الأول من هذا العام، بل بدأ قبل أكثر من 75 عاماً، ولكن ما حصل قبل سبعة أسابيع كان نقطة تحول مفصلية في تموضع القضية الفلسطينية في الرأي العام حول العالم، وبشكل ملحوظ في الدول التي دعمت حكوماتها الكيان الصهيوني منذ تأسيسه، وتحديداً في أوروبا وأمريكا الشمالية.
مندوب روسيا في الأمم المتحدة، في إحدى الجلسات العديدة التي عقدها مجلس الأمن خلال الأسابيع الماضية حول العدوان «الإسرائيلي» على غزة، وردّاً على تكرار المحاججة الغربية لدعمها غير المشروط لوحشية الكيان الصهيوني القائمة على أساس حق «إسرائيل» في الدفاع عن النفس، قال المندوب الروسي: «ليس من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها لأنها دولة احتلال».
منذ عام 2019، ومع تتالي ما سمي «اتفاقات أبراهام»، جرى الترويج بكثافة للمقولة التالية: «الغرب وخاصة الأمريكان، يستغلون حالة الضعف والفوضى السائدة في الشرق الأوسط، لكي يحلوا على طريقتهم، مرة وإلى الأبد، القضية الفلسطينية؛ والحل على طريقتهم هو تصفيتها نهائياً، واتفاقات التطبيع هي الطريق نحو هذه الغاية».
فيما يلي يقدم مركز دراسات قاسيون جولة موسعة في صحف الكيان الصهيوني خلال الأسبوعين الماضيين، من شأنها أن تلقي بعض الضوء على ما يتم تداوله فيه، وكذلك ما يتم التفكير فيه من سيناريوهات.
مضى حتى الآن (يوم الجمعة 27 تشرين الأول) 21 يوماً على 7 أكتوبر 2023. القصف «الإسرائيلي» الهمجي متواصل على غزة. ما تم إحصاؤه من شهداءٍ حتى الآن يزيد عن 7000 شهيد، بينهم قرابة 3000 طفل. تركز «بنك الأهداف» «الإسرائيلي» على المشافي والمدارس والمخابز والجوامع والكنائس وبيوت المدنيين، وفي كل بقاع قطاع غزة، شماله ووسطه وجنوبه. وبالتوازي، يجري قتل المدنيين في الضفة الغربية على أساس يوميٍ، وعدد الشهداء فيها تجاوز المئة. وفي أراضي 48 تجري عمليات اعتقال ممنهجة وعمليات انتقامٍ يقوم بها المستوطنون أيضاً على أساس يومي. وعلى الجبهة الشمالية مع لبنان، يتواصل التصعيد بشكل متدرجٍ، يوماً وراء يوم. «الإسرائيلي» يواصل قصفه لمواقع في لبنان وسورية، وخاصة لمطاري دمشق وحلب بشكل متكرر وبوتائر أعلى من السابق، والقواعد العسكرية الأمريكية في سورية والعراق تتلقى ضربات تزداد وتائرها وحِدتها شيئاً فشيئاً. والأمريكي ينقل أساطيل وقوات بشكل مكثفٍ باتجاه قواعده في منطقتنا، إضافة إلى الجسر الجوي الذي يمد به «إسرائيل».
خلال شهري كانون الثاني وشباط من هذا العام، أي قبل 9 أشهر من «طوفان الأقصى»، كان مركز دراسات قاسيون قد نشر مادة بحثية على جزأين بعنوان «الكيان الصهيوني... عشرة محاورٍ لأزمة شاملة».
نشرت قاسيون في العدد الماضي المادة الأولى من هذه السلسلة من المواد حول الهجوم الذي تشنّه بعض الشخصيات والقوى في سورية ضد القرار 2254 ومن خلال المحاججة القائلة بأن: «القرار صادر عن الأمم المتحدة والتي يسيطر عليها الغرب، ما يجعل كل ما يصدر عن هذه المؤسسة يصب في مصلحة الغرب، وفي الضد من مصلحة الشعوب، وما هذه القرارات إلا انعكاسات لاتفاقات لتوزيع «الكعكة» بين المراكز الإمبريالية».
تقف ضد تنفيذ القرار 2254 جهات متعددة، داخل سورية وخارجها. بينها من يعلن عداءه للقرار وبينها من يكتمه. على رأس القوى التي تعادي تنفيذ القرار، القوى الغربية ومعها الكيان الصهيوني، والذين يسلكون النهج نفسه الذي سلكوه ضد اتفاقات مينسك التي صادق عليها مجلس الأمن الدولي، حيث استمروا لسنوات طويلة بالادعاء أنهم موافقون عليه ويدفعون باتجاه تنفيذه، ولكن أظهرت الوقائع، وباعترافاتهم هم أنفسهم- كما جاء في اعترافات ميركل على سبيل المثال لا الحصر- أنهم كانوا طوال الوقت معادين لتنفيذ هذه الاتفاقات.
تمتلئ صفحات التواصل الاجتماعي وغرف الدردشة وتضييع الوقت بأطنان من المحادثات والنقاشات حول الدور الذي يمكن للسوريين في الخارج لعبه في دعم الموجة الجديدة من الحركة الشعبية.
قبل شهرين تقريباً، بدأت أوساط إعلامية غير رسمية بالحديث عن نيّة أمريكية للعمل باتجاهين متكاملين؛ الأول هو إغلاق الحدود السورية العراقية، والثاني هو وصل الشمال الشرقي مع الجنوب بحيث تكون منطقة الـ55 في التنف هي مركز هذا الوصل. وأن يتحول هذا كلّه إلى أداة أمريكية في الضغط لتحديد مصير سورية اللاحق، بما في ذلك احتمالات تقسيمها.