افتتاحية قاسيون 1249: الحلُ واضحٌ: السلطة للشعب وبالشعب ومن أجله
الشعب السوري وحدة سياسية تاريخية متكاملة، ولا يمكن تعريفه بكونه جمعاً حسابياً لقوميات وأديان وطوائف وعشائر. هذه الوحدة المتكاملة تتضمن تناقضاً بين الناهبين والمنهوبين؛ الناهبون الذين لا يتجاوزون 10% من السكان، وينتمون إلى كل القوميات والأديان والطوائف، والمنهوبون الذين يزيدون على 90% من السكان، وينتمون أيضاً إلى كل القوميات والأديان والطوائف.
كل عمل أو قول- سابقاً والآن- لتقسيم السوريين على أساس قومياتهم وأديانهم وطوائفهم، وعلى أساس «أكثرية» و«أقليات»، وأيّاً يكن الستار الذي يحاول التلطي خلفه، هو عمل وقول يصب في مصلحة الناهبين... في مصلحة الحرامية الكبار المنتمين لمختلف القوميات والأديان والطوائف، وضد مصلحة عموم الشعب السوري المنهوب المنتمي إلى كل القوميات والأديان والطوائف.
طوابير السوريين على الأفران والمشافي، لا تُفرّق بين طائفة وأخرى، أو دين وآخر. جموع السوريين الذين يذوقون الأمرّين يومياً ليحصّلوا بشق الأنفس ما يقتاتون وأولادَهم به، وما يعلّمون ويطببون ويكسون أولادهم به (إنْ استطاعوا إلى ذلك سبيلاً)، ليسوا من طائفةٍ دون أخرى، أو دينٍ دون آخر، أو قوميةٍ دون أخرى، إنما هم الأغلبية الساحقة المسحوقة التي هي نفسها ما نصفه سياسياً بأنه «الشعب السوري».
المظلومية الكبرى في سورية، والمستمرة منذ عقود، هي مظلومية 90% من السوريين المنتمين لكل القوميات والأديان والطوائف، وكل من يتاجر بمظلومية دون أخرى، إنما يكرّس، واعياً أو جاهلاً، تلك المظلومية، وينتصر للناهبين واللصوص ضد عموم الشعب السوري.
إن السلطة، كل السلطة، ينبغي أن تكون للشعب السوري، والثروة كل الثروة، وبذلك فقط يمكن أن يكون الوطن كريماً عزيزاً؛ بأن تكون (السلطة للشعب وبالشعب ومن أجل الشعب)، وهو ما تعنيه الديمقراطية الحقيقية... ويتم ذلك عبر المشاركة السياسية، وليس عبر أيّ شكل من المحاصصات الطائفية والقومية والدينية، الشكلية أو الفعلية، وسواء كان الأمر متعلقاً بمجلس شعب، أو بحكومة، أو بغير ذلك من الأمور...
إنّ الناس إذا ألمت بها الملمات، لجأت إلى التجمع والتكاتف لحماية نفسها والدفاع عن مصالحها، فإذا تم تهميش العمل السياسي الوطني الجامع، وتم تغييب المشاركة السياسية، والتضييق على العمل السياسي، فإن ما يبقى هو اجتماع الناس على أساس القوميات والأديان والطوائف والعشائر، وهو أمرٌ شديد الخطورة؛ فلا يُهدد وصول الناس إلى حقوقها ويمنح الناهبين سطوة إضافية عليها باسم الدين والقومية والطائفة فحسب، بل ويفجر السلم الأهلي، ويضع البلاد على طريق التفتيت والتقسيم، ويُشرّع الأبواب واسعة أمام مزيد من التدخلات الخارجية الضارة والتخريبية، ويقتل أيّ احتمال حلول اقتصادية أو نمو اقتصادي.
المدخل الوحيد نحو مواجهة المخاطر الكبرى التي تعيشها البلاد وأهلها، هو توحيد السوريين، وبالدرجة الأولى وقبل كل شيء آخر، توحيد 90% منهم المنهوبين المفقرين المنتمين كما أسلفنا مراراً وتكراراً إلى كل القوميات والأديان والطوائف. ولتنفيذ هذه المهمة، لا بد من مشاركة سياسية حقيقية، وهذه لا ممر لها سوى المؤتمر الوطني العام، وتنفيذ جوهر القرار 2254، أيْ خارطة طريقه المتضمنة لإنشاء جسم حكم انتقالي، ودستور دائم، وصولاً إلى انتخابات. كل ذلك، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الآجال الزمنية ليست مفتوحة أمام هذا الحل، بل هي محدودة وضيقة، وما لم يبدأ العمل به، فإنه سيفقد قدرته على إنقاذ البلاد والعباد...
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1249