افتتاحية قاسيون 1243: من الدوحة إلى نيويورك... دروس مستفادة!
احتل حدثان بارزان خلال الأسبوع الماضي، موقع الصدارة بما يخص منطقتنا بأسرها، من حيث وزنهما وتأثيرهما في مختلف المعادلات الناظمة للصراع، بما في ذلك ما يتعلق بنا، ويؤثر علينا بشكل مباشر في سورية.
الحدث الأول: هو القصف «الإسرائيلي» للدوحة يوم الثلاثاء 9 أيلول.
الحدث الثاني: هو التصويت الكاسح الذي جرى في الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الجمعة 12 أيلول على «إعلان نيويورك» الذي يمثل خطوة إضافية مهمة في تعميق عزلة الكيان على المستوى الدولي، ومعه الولايات المتحدة الأمريكية. وفي خلفية هذين الحدثين، تتواصل الحملات الشعبية العالمية المناصرة للقضية الفلسطينية في التصاعد بشكل لم يشهد له التاريخ مثيلاً، لا أيام فيتنام ولا أيام جنوب أفريقيا.
بين أهم الاستنتاجات التي يمكن تسجيلها حول هذين الحدثين، ما يلي:
أولاً: إنّ ما يظهر بوصفه تقدماً وصعوداً للقضية الفلسطينية على الصعيدين الدبلوماسي والشعبي العالمي، وعلى أهمية هذين الصعيدين، هو في الجوهر ثمرة الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني ومقاومته، ولنضالات شعوب المنطقة وحركاتها التي قاومت المستعمر طوال السنوات والعقود الماضية؛ ودون هذا الصمود، ما كان يمكن لأي نشاط دبلوماسي أو شعبي عالمي أن يحقق أي تقدم حقيقي.
ثانياً: الاعتداء «الإسرائيلي» على الدوحة، ينهي نصب شاهدة قبر «اتفاقات أبراهام» التي دُفنت منذ 7 أكتوبر، ومعها ينهي مرحلة طويلة كان أحد عناوينها «محور الاعتدال العربي»؛ فـ«الإسرائيلي» يثبت بالأفعال والأقوال، أنه لا يراعي سيادة أي دولة أو شعب من شعوب المنطقة، وأنه لن يكفّ عن التخريب والتدمير أياً تكن التنازلات التي سيجري تقديمها له؛ بالضبط، لأن وجوده مرتبط ارتباطاً عضوياً بإنفاذ مشروع الفوضى الهدامة الشاملة، التي لا تبقي أي دولة إقليمية واقفة على قدميها. ولما كان الأمر كذلك، فإن هذا الاعتداء، وإنْ كان الغرض منه هو ترهيب مختلف دول المنطقة التي بدأت تشق عصا الطاعة، فإن ما سينتجه موضوعياً هو تسارع شق عصا الطاعة وتسارع انزياح دول المنطقة نحو الشرق، نحو الصين وروسيا والهند، وتسارع تشكل التحالفات المضادة للصهيوني.
ثالثاً: أظهر الاعتداء أيضاً، أن تقديم أي قدر من التنازلات للأمريكي، لا يشكل غطاءً ولا حماية حين يجدّ الجد؛ فالسلاح الأمريكي مقفلٌ حين يكون الغرض هو الدفاع ضد «إسرائيل»، ناهيك عن الهجوم عليها. ومهما بلغت القواعد الأمريكية في المنطقة ضخامة وتسليحاً، فهي قواعد ضد البلدان التي توجد فيها، وليست مصدر أمان أو استقرار لها؛ فالاعتداء على قطر هو أمريكي من حيث الجوهر، حتى وإن كانت «إسرائيل» في واجهته... أما هدفه من وجهة النظر الأمريكية، فهو أيضاً الدفع باتجاه تفجير المنطقة بأسرها، وإخضاعها لمحاولة منعها من الانزياح بعيداً عن «المظلة الأمريكية».
أخيراً: بما يخصنا في سورية، فعلينا أن نتعلم جيداً من درس 9 أيلول، بأن الأمريكي لا يمكن الاستناد إليه، أو الاتكاء عليه، أو الثقة به بأي حال من الأحوال؛ من يمكن الاتكاء عليه فعلاً هو الشعب السوري أولاً وأخيراً، عبر توحيده وتوحيد كلمته، من خلال حل سياسي حقيقي على أساس جوهر القرار 2254، بما في ذلك جسم الحكم الانتقالي والمؤتمر الوطني العام، وصولاً للدستور الدائم والانتخابات الحرة والنزيهة. وبالتوازي، فإن علينا بناء علاقات دولية تنطلق من مصالحنا، ومن فهمنا لمصالح الدول المختلفة: الأمريكي والصهيوني لا يريدان استقراراً في سورية، ولا مصلحة لهما في استقرار في سورية... بالمقابل فإن الدول الصاعدة لها مصلحة حيوية في استقرار في سورية، وعلى رأسها الصين وروسيا والهند، وفي الإقليم، تركيا والسعودية وإيران ومصر...
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1243