افتتاحية قاسيون 1236: المؤتمر الوطني العام جوهره، ماهيته، مهمته
تحوز فكرة «المؤتمر الوطني العام»، يوماً وراء الآخر، إجماعاً أوسع فأوسع ضمن مختلف الأوساط السورية؛ وهذا أمر طبيعي ومتوقع في إطار حرص السوريين على بلادهم ووحدتها وسلمها الأهلي، في ظل تصاعد المخاطر والتحريض الطائفي والأحداث الدموية الفظيعة في مناطق متعددة من البلاد، آخرها ما جرى في محافظة السويداء السورية، والذي لم يصل إلى نهاية واضحة ومستقرة بعد، وما يزال خطراً وقابلاً للانزلاق نحو مزيد من المخاطر الكبرى.
إن فكرة «المؤتمر الوطني العام»، هي في جوهرها، تأمينٌ للمنصة الوطنية الجامعة المشتركة التي يمكن للسوريين من خلالها إنفاذ حقهم في تقرير مصيرهم بأنفسهم، ويمكنهم من خلالها طرح كل المشكلات العالقة والمتراكمة لوضع أسس حلها بشكل توافقي وعبر الحوار والتفاهم فيما بينهم بوصفهم مواطنين أحراراً متساوين في الحقوق والواجبات.
والمؤتمر الوطني العام بهذا المعنى، هو منصة أعلى من مجرد «مؤتمر حوار وطني» شكلي ومقتضب وبلا صلاحيات ويجري تشكيله فوقياً، على غرار ما جرى سابقاً؛ المؤتمر الوطني العام هو بمثابة مؤتمر إنقاذ للبلاد ولوحدتها الوطنية، وفي الوقت نفسه هو بمثابة جمعية تأسيسية تنتج حكومة وحدة وطنية جامعة، ولجنة لصياغة دستور دائم للبلاد، وتؤمن الأرضية لانتخابات حرة ونزيهة على مختلف المستويات تكون نقطة النهاية في الانتقال بسورية موحدة نحو بر الأمان.
وكي يتمكن المؤتمر الوطني العام من تحقيق هذه المهام الكبرى، فإنه ينبغي أن يتم تشكيله بشكل صحيح ودقيق؛ وتبدأ هذه العملية من طريقة تشكيل اللجنة التحضيرية له، والتي ينبغي أن تقطع مع طريقة تشكيل لجنة الحوار الوطني السابقة، التي كانت طريقة فوقية واستثئارية وشكلية إلى حد بعيد، وانعكست على المؤتمر نفسه ونتائجه في نهاية المطاف.
اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني العام، يجب أن تضم عدداً معقولاً من الشخصيات الوازنة والمحترمة والحكيمة وذات المصداقية، والقادرة على تمثيل مختلف التيارات الأساسية السياسية والاجتماعية في البلاد؛ بحيث تتمكن عبر التوافق فيما بينها، ومع مختلف التيارات السياسية والتكوينات الاجتماعية في البلاد، من تأمين تمثيل واسع وشامل قدر الإمكان، يمنح المؤتمر ثقة الشعب السوري.
الأزمات التي تعيشها البلاد على المستوى الأمني والاقتصادي، لا حل أمنياً لها؛ فالحلول الأمنية سابقاً واليوم، أثبتت فشلها، بل وأثبتت أنها تفاقم الأزمات وتفجرها وتجعلها أكثر خطورة، ولا حل اقتصادياً لها، فلا العقوبات تم رفعها بشكل فعلي ولا الوعود الخارجية والاستثمارات التي يجري الحديث عنها ستتحول إلى واقع ما دام الوضع الأمني خطيراً ومتوتراً، وستبقى حبراً على ورق وصوراً على التلفزيونات...
الحل الحقيقي للأزمات المتراكمة هو بالجوهر حلٌ سياسي يقوم أولاً وقبل كل شيء على توحيد السوريين. وعبر توحيدهم، إغلاق الثغرات الكبرى التي ينفذ منها التدخل الخارجي بأشكاله المختلفة. والمؤتمر الوطني العام والحل السياسي، يعنيان في جوهرهما أن توضع الثقة كلها في الشعب السوري، وأن يتم الركون إليه في تقرير مصيره بنفسه؛ فمن يستند إلى الشعب السوري ويستقوي به، كله، لا قسماً منه على قسم، سيصل بالضرورة إلى بر الأمان...
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1236