المحرر السياسي: سورية والتناقضات الصفرية المدمرة!
يمكن لمن يتابع آراء السوريين على «وسائل التواصل الاجتماعي» خلال هذه الفترة، أن يلاحظ انقسامات حادة تصل بسهولة شديدة إلى التخوين وإلى تصنيف السوري صاحب الرأي المخالف عدواً.
الأمر لا يتعلق فقط بالحرب الجارية في المنطقة، بل ويمكن ملاحظة هذا الانقسام الحاد عند كل مفصل وتجاه حوادث مختلفة، منها ما هو قليل الأهمية ومنها ما هو مهم.
من الصحيح تماماً، أن طبيعة الأمور هي اختلاف آراء الناس عن بعضها البعض، وتعدد آرائها، ولكن ما يجري لدينا هو أمرٌ مختلف؛ لدينا في كل مسألة تقريباً رأيان فقط في أغلب الأحوال، وهما رأيان متعاكسان تماماً ومتناقضان ومتعاديان... هذا الشكل من الانقسام الحاد في «الرأي العام» ليس أمراً طبيعياً، بل هو نتاج حالة الانقسام الطويلة الدموية ضمن المجتمع السوري طوال السنوات الماضية، وتعبير عن أن المشكلات العميقة في المجتمع السوري، والتي طفت إلى السطح خلال السنوات الماضية، لم يجر حلها حتى اللحظة، بل ولا يجري التعاطي جدياً مع السبل اللازمة لحلها، وبما يسمح بإعادة اللحمة لنسيج المجتمع السوري ليتعامل مع قضاياه الداخلية، ومع العالم الخارجي، بوصفه مجتمعاً يشعر أفراده بالانتماء إلى بعضهم البعض ككل متكامل، حتى ولو اختلفت آراؤهم في هذه القضية أو تلك...
إن المجتمعات التي تسود فيها الآراء المتضاربة الحادة وأحادية الجانب، هي مجتمعات مرشحة لأزمات متجددة دائماً، وبالتالي هي مجتمعات تعيش في حالة هشة وخطرة، ويسهل اخترقها والتأثير بها من الخارج، وإثارة الفتن ضمنها.
إذا كان كل الوطنيين السوريين يتفقون اليوم أن السلم الأهلي هو واحد من أهم أولويات الوطنية السورية، فإن الوصول إلى السلم الأهلي، لا بد أن يأخذ موضوع الانقسامات الثنائية الحادة بعين الاعتبار وضرورة حلها كجزء أساسي من المسألة.
وبهذا المعنى، فإن المؤتمر الوطني العام الشامل الذي يسمح للسوريين، والعقلاء منهم على وجه الخصوص، بطرح آرائهم في مختلف القضايا ونقاشها بشكل هادئ ومسؤول وعلني، ما يزال استحقاقاً لا يمكن القفز فوقه لتوحيد السوريين وتأمين الظروف المناسبة لهم لإعادة صياغة اللحمة الاجتماعية السورية!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 0000