يا طالب الدبس...
انتهى مؤتمر بروكسل المخصص لـ«دعم سورية»، وكما يقال: «تمخض الجبل فولد فأراً». فالحديث يتم بأحسن الأحوال عن 5.6 مليار يورو، بينها 1.6 مليار كديون، و4 مليارات كمنح. وهذه الـ4 مليارات، سيتم توزيع قسم منها على دول الجوار التي تحوي لاجئين سوريين، والقسم الآخر للداخل السوري، وهذا القسم يذهب جزء أساسي منه للمنظمات التي يمولها الاتحاد الأوروبي، وقد لا يصل من الجمل إلا أذنه للجهات الحكومية السورية.
يضاف إلى ذلك أمران ينبغي فهمهما، الأول هو أن هذه الأرقام المعلنة هي «تعهدات»، أي أنها ليست أرقاماً محققة بالضرورة، فكل دولة تعد بمبلغ ما، لكنها ليست ملزمة بدفعه، والتجربة عبر نسخ مؤتمر بروكسل السابقة تعلمنا أن نسب تحقيق التعهدات دائماً كانت صغيرة. وفوق هذا كله، فإن ما يسمى التكاليف التشغيلية للمنظمات يبتلع عادة ما يصل إلى 40% وأحياناً أكثر مما يتم تخصيصه لها من دعم، ما يعني أن ما سيصل للشعب السوري في نهاية المطاف هو مبلغ تافه بكل ما للكلمة من معنى، ولا يرقى أبداً لمستوى الاحتياج.
الدرس الذي ينبغي تعلمه من هذا المؤتمر، هو أن التعويل على مساعدات من الخارج، وخاصة من الدول الغربية، هو تعويل في غير محله، ولا يمكن الاستناد إليه في حل أزماتنا الاقتصادية المتراكمة.
حل أزماتنا الاقتصادية يتطلب مواصلة المطالبة برفع العقوبات، ولكن هذا لن يكون كافياً، وأيضاً لا يمكن التعويل عليه. ينبغي الاستناد إلى القدرات والإمكانات المحلية انطلاقاً من إعادة خلق السوق الوطنية الواحدة، على أساس التفاهم بين السوريين. وأيضاً يمكن الاستفادة من الدول عبر فهم الصراعات والتناقضات فيما بينها بحيث لا نكون تابعين لأحد، ونستفيد من العروض المختلفة الموضوعة أمامنا.
وربما الدرس الأهم الذي علينا تعلمه واستخلاصه من مؤتمر بروكسل، هو أن الدول الغربية ما تزال تتعامل معنا بالعقل الوصائي التقليدي، وترفع بوجهنا العصا والجزرة في آن معاً، وتطالبنا بشروط سياسية محددة، ظاهرها هو التعددية والتسامح والحريات وإلخ، وباطنها شيء آخر كلياً، مرتبط بشكل واضح بما يريده الصهيوني... وهي شروط لا تحمل لبلادنا أي خير ولا يجوز الخضوع لها بأي حالٍ من الأحوال...
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- الإصدار الخاص 19-آذار-2025