ماذا تريد «إسرائيل» من سورية؟!
يكثر الحديث مؤخراً عن الدور «الإسرائيلي» التخريبي، ويبدو كثير من السوريين حائرين ويسألون: ماذا تريد «إسرائيل» منا؟ ففي الفترة الأخيرة من حكم الأسد انتشرت أفكار بين الناس تقول ببساطة إن «إسرائيل» تخشى من النفوذ الإيراني في سورية وهي لذلك «مضطرة» للتدخل وضرب أراضينا ليلاً نهاراً، والحل الذي جرى تقديمه للناس ببساطة كان: فلتبتعد إيران عنا، وعندها ظن بعض البسطاء أن المشكلة انتهت!
لكن العدوان «الإسرائيلي» أصبح أعنف وأكثر كثافة وضرراً، حتى بعد الخروج الإيراني من سورية، فما السر إذاً؟ هنا بدأ البعض بإعادة الأسطوانة المشروخة ذاتها، للقول إن المشكلة اليوم هي في تركيا! فـ«إسرائيل» تخشى من النفوذ التركي في سورية وترى فيه تهديداً، وهي لذلك «مضطرة مجدداً» لقصفنا دون توقف، بل ونشر الفتن وتأجيج الطائفية، لكن الحقيقة في مكانٍ آخر، واسمحوا لنا أن نكشفها أمامكم حتى لو أزعجت بعض «المحللين» الذين يرون أن التاريخ لم يبدأ إلا حين تعلّموا القراءة، فعداء «إسرائيل» لنا نحن السوريين قديم جداً، ويظهر من لحظة قيام الكيان الأولى، ما دفع كثيراً من أبناء سورية لقتاله من لحظة نشوئه لأنّهم أدركوا بفطرتهم السليمة أنه خطرٌ عليهم.
لكن وكي لا نغوص في التاريخ كثيراً، يكفي أن نتذكر بأنه قبل بضع سنوات بدأ وزير الدفاع الصهيوني الأسبق موشيه يعالون بإطلاق أفكار تعبّر عن موقف «إسرائيل» منا نحن السوريين؛ فقال في 2016 بالحرف إن «عودة الدولة الواحدة والنظام الواحد إلى سورية سواء تحت رئاسة بشار الأسد، أو غيره لم يعد إلا من قبيل التمني»، وفي 2017 قال يوسي كوهين رئيس الموساد السابق أيضاً إن «سورية لن تعود دولة موحدة. يجب أن تكون هناك كيانات مستقلة تعكس التنوع الطائفي والإثني»، أما في 2018 قال نفتالي بينيت رئيس الوزراء «الإسرائيلي» الأسبق إن «سورية يجب أن تبقى ضعيفة ومقسَّمة، وأن [إسرائيل] يجب أن تعمل على منع عودة النظام السوري إلى السيطرة الكاملة» وأضاف «سورية الضعيفة والمقسَّمة هي سورية الأفضل لـ [إسرائيل]».
والآن وبعد عرض بعض من مئات التصريحات الصهيونية، كيف تتوقعون صدى التطورات الأخيرة في سورية داخل «إسرائيل»؟ فاليوم هناك فرصة حقيقية لإعادة توحيد البلاد، وتجري فعلياً حلحلة وتفاهمات بين مناطق كانت مقسّمة بحكم الأمر الواقع، ويظهر وضوحاً أن السوريين تواقون فعلياً لإعادة توحيد بلدهم، وهم راغبون في وجود نظام سياسي جديد ينجز هذه المهمة، ولذلك انتشر الذعر في «إسرائيل» كلّها، فبعد أن كانت إعادة توحيد سورية مجرّد «أمنيات»، باتت اليوم احتمالاً واقعياً يجري العمل عليه، ولذلك نفهم أن «إسرائيل» لم تخش من نفوذ إيران أو تركيا في سورية أو أي دولة أخرى بقدر ما خشيت وتخشى أن يتوحد السوريون، وهي لذلك تعمل على تفريقهم لأنّها كانت وما تزال تتمنى أن يجري تقسيم هذا البلد وتعمل على ذلك.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- -