ما هي مناسبة تصريحات نتنياهو حول الجنوب السوري؟

ما هي مناسبة تصريحات نتنياهو حول الجنوب السوري؟

أطلق رئيس وزراء كيان الاحتلال «الإسرائيلي»، بنيامين نتنياهو، اليوم الأحد 23 شباط، تصريحاً وقحاً قال فيه: «أطالب دمشق بسحب قواتها من جنوب سورية، ولن أتسامح مع تهديد الطائفة الدرزية».

يأتي هذا التصريح في ظل استمرار جيش الاحتلال في السيطرة على عدة مناطق في محافظة القنيطرة وباتجاه جبل الشيخ بعد فرار الأسد، واستمرار محاولات الضغط على الأهالي بمسائل المياه وغيرها، مع رفضهم القاطع لأي تعامل مع الاحتلال، ناهيك عن استمرار احتلال الجولان السوري.

وكانت صحيفة «إسرائيل هيوم» قد كشفت الشهر الماضي عن وجود ما أسمته «مناقشات داخل إسرائيل تقترح تقسيم سورية إلى كنتونات طائفية» ومناقشات من أجل «الدعوة لمؤتمر دولي لتقسيم سورية».

أي أن الاحتلال لا يخفي نواياه في العمل على تقسيم سورية، وفي العمل على افتعال فتنٍ طائفية ودينية وقومية داخل سورية، على أمل تغيير الإحداثيات القائمة في البلاد، من مسار العمل على استعادة وحدة البلاد ووحدة شعبها، نحو مسارٍ معاكس تماماً هو مسار تجديد الحرب والدم وباتجاه التقسيم.

كل هذا مفهومٌ وواضح ولا جديد فيه سوى أنه يؤكد على أن ما جرى في سورية يوم 8 كانون الأول، كان سحباً لزمام المبادرة من يد الأمريكي و«الإسرائيلي». ولكن مع ذلك، فإن معطيات ما، وشيئاً ما، يلوح في الأفق، هي ما دفع نتنياهو لإطلاق تصريح من هذا النوع.

بالنظر إلى المعطيات المعروفة، يمكننا أن نضع اليد على ما يلي:

أولاً: محاولات تفجير السلم الأهلي والدفع نحو الاقتتال الداخلي، لم تتمكن من تحقيق أي نتائج فعلية، وتم تطويقها إلى حدٍ بعيد، رغم أن فتائل التفجير لم يجر نزعها بشكل كامل بعد، ولكن الأكيد هو أن هنالك درجة معقولة من الاستقرار الأمني العام في سورية، لا تتناسب مع حاجة «إسرائيل» لتفجير الأوضاع.

ثانياً: التفاهمات الجارية بين الإدارة الجديدة وبين قسد/مسد، وإنْ لم تصل إلى نهايتها بعد، إلا أن المؤكد أنها سارت خطوات مهمة، واستكمالها سينزع فتيل تفجير أساسي طالما عوّلت عليه الولايات المتحدة ومعها الكيان.

ثالثاً: يعزز هذه التفاهمات، تفاهمات موازية وربما مرتبطة ضمن تركيا نفسها، بين السلطة التركية وبين الزعيم الكردي عبدالله أوجلان، الذي سيطرح مبادرته الشاملة للسلام ولحل القضية الكردية في الداخل التركي في وقتٍ ما، غير بعيد.

رابعاً: جملة التصريحات واللقاءات التي أجرتها الإدارة الجديدة على المستوى الدولي، بما في ذلك تصريحات وزير الخارجية السوري بما يخص روسيا وإيران، ومن ثم استقبال الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع للوفد الصيني، واللقاء الثلاثي الذي سيجري في تركيا قريباً ويجمع مسؤولين سوريين وأتراك وروس... كل هذه الأمور تثير حفيظة الكيان وتشعره بأن إمكانيات التحكم والتأثير والتخريب تتسرب من بين يديه سريعاً.

خامساً: على المستوى الدولي، وخاصة في إطار التفاهمات التي يجري التحضير لإنجازها بشكلٍ نهائي بما يخص أوكرانيا بين الولايات المتحدة وروسيا، وفي ظل الاتجاه الانكفائي الذي يعبر عنه ترامب (بغض النظر عن التصريحات الاستعراضية بما يخص غزة، والموجهة للاستهلاك الأمريكي الداخلي ولتعديل الأوزان عبر تحييد اللوبي اليهودي قدر الإمكان في المعركة الداخلية لترامب في إعادة تشكيل جهاز الدولة العميقة)، فإنّ من الطبيعي أن يرى نتنياهو نفسه مهدداً (ينبغي ألا ننسى الإشارات الواضحة التي أطلقها ترامب ضد نتنياهو بشكلٍ مباشر، بما في ذلك مشاركته لفيديو جيفري ساكس الذي يشتم فيه نتنياهو على حسابه على تويتر دون تعليق).

هذه الإحداثيات بمجملها، ربما تفسر توقيت إطلاق نتنياهو لهذا التصريح، الذي يحاول من خلاله إثارة ضجة غرضها إشراكه بالتفاهمات النهائية الجارية التي يبدو أنه خارجها... ويبدو أنها لن تكون في صالحه ولا في صالح كيانه...

معلومات إضافية

العدد رقم:
0000