افتتاحية قاسيون 1173: كي نكسب الجولان... ونكسب سورية!

افتتاحية قاسيون 1173: كي نكسب الجولان... ونكسب سورية!

تواصل واشنطن دعمها غير المحدود لتل أبيب، بما في ذلك عبر محاولات قمع الطلاب الأمريكيين المحتجين على الإبادة الجماعية، وذلك في بحثٍ متواصلٍ ومضنٍ عن مخرجٍ من مأزقهما المشترك...

في الميدان، لم تتمكن «إسرائيل»، ورغم كل الدعم المالي والإعلامي والعسكري والسياسي الغربي، من تحقيق أيٍّ من أهدافها المعلنة في غزة، ناهيك عن التصاعد التدريجي للمقاومة بمختلف أشكالها في الضفة الغربية.

أكثر من ذلك، فإنّ «إسرائيل» ومعها واشنطن، لم تتمكنا من ضبط الجبهات المتعددة المساندة المفتوحة على الكيان، والمرشحة للتصاعد، من جنوب لبنان إلى الحوثيين إلى إيران إلى العراق ومؤخراً حتى البحرين!

على المستوى الإعلامي والشعبي، بما في ذلك في الغرب، فحدّث ولا حرج عن تهافت وسقوط السردية الصهيونية، وتظاهراتُ الطلاب في الولايات المتحدة والتي بدأت بالانتقال نحو أوروبا، هي مؤشر مهم في هذا السياق.

على المستوى السياسي، يجري البحث عن صفقة من شأنها أن تشكل مخرجاً جزئياً للكيان ولواشنطن، وأيضاً لبايدن الذي تنتظره انتخابات حامية، وذلك عبر تطبيعٍ مع السعودية. المؤشرات الواقعية جميعها، ورغم كل الدجل الإعلامي الأمريكي، والتابع للأمريكي عربياً، تقول: إنّه ليس هنالك أي أفق لمثل هذا المخرج، وأنّ «المغريات» المزعومة المعروضة على السعودية، لم تعد لها أيّ قيمة عملية؛ ابتداءً من الحديث عن «أنظمة دفاع غربية» فشلت في اختبار السعوديين أنفسهم لفاعليتها في حرب اليمن، وفشلت في اختبار الأشهر السبعة الماضية في غزة وما جرى على هوامشها، ومروراً بالمفاعلات النووية السلمية التي بات لدى السعودية خياران آخران معلنان لتقديمها دون شروط سياسية هما الصين وروسيا، ووصولاً إلى «الفوائد الاقتصادية» المدّعاة، والتي اختبرتها دول اتفاقات أبراهام، وقبلها وادي عربة وكامب ديفيد، ولخصها الشاعر أحمد فؤاد نجم منذ زمن طويل، حين قال: «يا فرحتنا بيوم النصر كسبنا سينا وخسرنا مصر».

ضمن هذه الإحداثيات، يبدو أنّ الأمريكي ومعه الصهيوني، يبحثان عن مخرجٍ آخر غير متوقع: عبر سورية!

ليس جديداً الحديث عن مشروع «خطوة مقابل خطوة» الذي سبق وفصّلناه مراراً، والذي يتلخص في اتفاقٍ من تحت الطاولة ينسف الحل السياسي عبر نسف 2254، ويكرّس تقسيم الأمر الواقع، وينقل سورية بشكلٍ نهائي من ضفة إلى ضفة في إطار التموضع الجيوسياسي على المستوى الإقليمي والدولي.

الجديد، هو تعاظم المؤشرات في العمل الأمريكي الصهيوني في هذا الاتجاه، ابتداءً من التدخل المباشر لبايدن في منع تمرير قانون «منع التطبيع»، ومروراً بتسارع تنفيذ توصيات صندوق النقد والبنك الدوليين في الداخل السوري بما يخص الاقتصاد ودور جهاز الدولة فيه وفي المجتمع ككل، وغيرها من المؤشرات المشابهة بما في ذلك التحركات الأوروبية، ووصولاً إلى عمليات كيّ الوعي الاجتماعي في سورية عبر كسر كل المحرمات الوطنية السابقة عبر وصف «إسرائيل» بأنها «معتدٍ»، بمقابل إيران بوصفها «عدو»، كما حدث على شاشة تلفزيون إماراتية خلال استضافتها لأحد المتحدثين من داخل سورية!

إنّ الموقف المبدئي والوطني للشعب السوري ضد الكيان «الإسرائيلي»، هو موقف كان صحيحاً دائماً، واليوم هو أكثر جوهرية وضرورة من وجهة نظر وجود سورية نفسها ومستقبلها.

أكثر من ذلك، فإنّه إذا كان هذا الموقف في التوازنات الدولية السابقة موقفاً مبدئياً، فهو اليوم موقف مبدئي وعملي وقابل للتطبيق حتى النهاية، وصولاً إلى تحرير الجولان بشكلٍ فعلي، وليس على طريقة كامب ديفيد حين «كسبنا سينا وخسرنا مصر»؛ علينا أن نكسب الجولان ونكسب سورية معاً!

المضي بالخيار الوطني حتى النهاية، يتطلب أوسع تحالف بين الوطنيين السوريين بغض النظر عن اصطفافاتهم الحالية، باتجاه تصليب الموقف الوطني لسورية عبر أداة أساسية هي استعادة الشعب السوري لحقه في تقرير مصيره بنفسه، عبر حلٍ سياسي شامل على أساس 2254، بالتعاون مع أستانا والصين ودول عربية أساسية بينها الجزائر والسعودية، وبالضد من الرغبة الأمريكية إذا لزم الأمر...

(English version)

معلومات إضافية

العدد رقم:
1173
آخر تعديل على الأحد, 05 أيار 2024 20:31