افتتاحية قاسيون 1148: القمة العربية الإسلامية نتيجتان!
انتهت القمة العربية الإسلامية الطارئة التي عُقدت في مدينة الرياض السعودية يوم السبت 11/11/2023 تحت عنوان «بحث العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني»، إلى إصدار بيان ختامي تضمن واحداً وثلاثين بنداً، معظمها تركز في «الشجب والتنديد»، دون أن يترافق ذلك مع إجراءات ملموسة، إلا ضمن حدودٍ ضيقة.
إذا أراد المرء أن يكون منصفاً اتجاه ما أنتجته هذه القمة، فإنّه لا يستطيع القول: إنّ البيان الختامي الناتج عنها هو «بيانٌ سيئ»؛ فالبيان يتمركز حول المطالبة والضغط من أجل وقف إطلاق نارٍ فوري ومن أجل إدخال المساعدات، ويدين ممارسات الكيان ويطالب بوضعه أمام العدالة الدولية وإلخ، وهذه مطالبات محقة وضرورية، ولكنها بالتأكيد غير كافية...
أيّ إنّ البيان الختامي، وإنْ لم يكن سيئاً، فإنه ما يزال بعيداً عن أن يكونَ جيداً، وتنقصه أمورٌ عديدة كي يرتقي إلى مستوى اللحظة التاريخية الراهنة، وإلى تطلعات ورغبات شعوب الدول العربية والإسلامية، وتطلعات الشعوب عبر العالم التي تظاهرت وتتظاهر نصرة لفلسطين وللشعب الفلسطيني، ورفضاً للإجرام الصهيوني.
إنّ أضعف الإيمان الذي كان مطلوباً من هذه القمة العربية- الإسلامية، هو أن تفرض عملية فتح معبر رفح أمام المساعدات، ولم تتمكن من القيام بذلك، بل ولم تلوح بهكذا احتمالٍ حتى...
يكفي النظر أيضاً إلى بعض المقترحات التي قيل إنه تم طرحها ولم يتمّ تمريرها ضمن هذه القمة، [علماً أنه ليست هنالك أية تأكيدات واضحة من جهات رسمية حول هذه النقطة حتى الآن]، مع ذلك يكفي النظر إلى هذه المقترحات المفترضة لتبيان بعض ما ينقص هذا البيان ليكون جيداً، وما ينقص هذه القمة لتكون على مستوى اللحظة، وبينها على الخصوص 4 مقترحات:
1- منع القواعد الأمريكية الموجودة على أراضيها [أي الدول الموقعة] من تزويد «إسرائيل» بالأسلحة والذخيرة.
2- تجميد العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية مع «إسرائيل».
3- التهديد باستخدام العقوبات النفطية والعقوبات الاقتصادية الأخرى.
4- منع الطيران المدني «الإسرائيلي» من المرور عبر أجوائها.
وعلى المستوى نفسه من الأهمية، وربما أهم، تحميل الأمريكي بشكل مباشر المسؤولية الكاملة عن العدوان الصهيوني، ليس باعتباره راعياً للكيان فحسب، بل وباعتباره صاحب قراره في الحرب والسلم. وضمناً كان ينبغي لهذه القمة أن تعلن أنّ الولايات المتحدة الأمريكية فقدت مرة وإلى الأبد أي إمكانية للعب دور «الوسيط» في حل القضية الفلسطينية.
بكل الأحوال، فإنّ النتيجتين الأساسيتين لهذه القمة، تتمثلان فيما نعتقد بما يلي:
أولاً: القمة مؤشرٌ على محاولات أنظمة عديدة ضمن بلدان الجنوب العالمي، التكيّف مع الوقائع العالمية الجديدة، التي لم يعد الغرب فيها سيد الخارطة العالمية والمتحكم باتجاهاتها، ولذلك فقد سمعنا بالإجمال مستوىً من الكلام هو أعلى نسبياً من السابق، وسمعنا على مستوى دولٍ بعينها خطاباً أعلى بشكلٍ ملحوظ من خطابها السابق.
ثانياً: رغم ذلك، فإنّ هذه القمة نفسها، هي مؤشرٌ على مدى تخلف الأنظمة عن حركة الشعوب ومطالبها. فمحاولات التكيف التي تقوم بها الأنظمة بمعظمها هي محاولات بطيئة ومترددة، ناهيك عن كونها متأخرة وغير كافية.
بالمجمل، فليست فلسطين والقضية الفلسطينية هي من كانت تحت الاختبار ضمن القمة، بل الأنظمة المشاركة فيها؛ فباب التغيير على المستوى الإقليمي والعالمي، والذي ساهم في فتحه طوفان الأقصى، لا يمكن سده ببيانٍ من هنا أو بيانٍ من هناك!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1148