جيفري أيضاً يناصر الجولاني ضد تسوية سورية- تركية!

جيفري أيضاً يناصر الجولاني ضد تسوية سورية- تركية!

قبل أسبوعٍ تقريباً، زار المبعوث الأمريكي السابق إلى سورية، جيمس جيفري، أنقرة، والتقى هناك مع وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، ولم يصدر شيء عن هذا الاجتماع.

أول ما يلفت الانتباه، هو استقبال الوزير التركي لجيفري الذي لا يحمل حالياً أيّة صفة رسمية، والذي كان موظفاً في إدارة ترامب المتناقضة في سياساتها- حسب ما يقال- مع كل من إدارتي سابقه أوباما ولاحقه بايدن.
من المعلوم في الأعراف الدبلوماسية، أنّ لقاءات بهذا المستوى، عادةً ما تكون بتوصية من الدول صاحبة العلاقة؛ أيّ أنه ليس من الصعب الاستنتاج أنّ جيفري ورغم غياب الصفة الرسمية في لقائه لأكار، إلا أنّه كان يحمل رسالة رسمية، ويمثل وفادة رسمية أمريكية. وربما جرى اختيار جيفري تحديداً لما هو معروف من علاقته الطويلة بالأتراك، خلافاً لمسؤولين أمريكيين حاليين- مثل ماكغورك- الذين يسود توتر ظاهر ومعلن بينهم وبين تركيا.
المعنى الثاني الذي يمكن اكتناهه من تكليف جيفري بهذه المهمة، هو ما سبق أنْ كشفه جيفري نفسه حين قال: إنّه عمل ضد توجيهات ترامب بالانسحاب من سورية، واحتال عليها. أي أنّ جيفري يعمل في الحقيقة لجهاز الدولة الأمريكي العميق العابر للديمقراطيين والجمهوريين. وهذا مهمٌ على الخصوص حين التعامل مع تصريحات وتحليلات جيفري بما يخص سورية، والتي يحاول البعض الادعاء بأنها ليست السياسية الرسمية الأمريكية اتجاه سورية... نذكّر بالتحديد بسياسات جيفري المعلنة اتجاه النصرة، واتجاه العدوان التركي، واتجاه الحل السياسي على العموم، واتجاه العمل لتحويل سورية إلى مستنقع، وصولاً إلى تدميرها نهائياً وتفتيتها بشكل نهائي إنْ أمكن.

حول التسوية السورية التركية

كما الحال في عمل الجولاني ضد احتمال تسوية سورية تركية، كما وضحنا في مادة في هذا العدد نفسه من قاسيون، فإنّ جيفري هو الآخر قد عبّر صراحة عن السياسة الرسمية الأمريكية اتجاه مثل هكذا احتمال، خلال لقاء له مع قناة إن تي في التركية على هامش زيارته، بقوله: «إن كل من التقوا الرئيس السوري في الماضي لم يحصلوا على شيء من هذه اللقاءات... كل الوفود التي التقت معه لم تحصل على شيء». وهو ما يفهم منه بشكل واضح أنّ الموقف الأمريكي هو معارض على طول الخط لتسوية سورية- تركية، وبطبيعة الحال ضد الجهود الروسية والإيرانية في هذا المضمار.
وربما عبّر جيفري بشكل واضح عن هذا الخط الثابت في السياسة الأمريكية اتجاه سورية وكامل المنطقة، خلال لقاء أجراه معه ريبورن قبل شهر تقريباً، وقال فيه: «في سورية، عندما كانت تتحرك أية ورقة، كنا أنا أو أنت [أي ريبورن الذي كان نائبه] ننظر إليها ونقول: إذا وقعت إلى هذا الجانب فإنها ستفيد الروس، لذلك من الأفضل أن نتحرك الآن لضمان عدم حدوث ذلك. كان لدينا آخرون يفعلون الشيء ذاته في العراق في ملف الصواريخ، وكل الملفات الأخرى. هكذا تعاملنا معها ولم نسمح لهم بالحصول على ميزة إذا كان بإمكاننا فعل شيء ما لإيقاف ذلك».

بما يخص العملية العسكرية التركية

على العكس مما تحاول وسائل إعلام مختلفة تصوير الأمر عليه، أي على العكس من محاولة القول: إنّ الأمريكان ينشطون لردع تركيا ومنعها من الإقدام على عدوان جديد، فإنّ كلمات جيفري توضح حقيقة التوجه الأمريكي.
في المقابلة مع إن تي في المشار إليها آنفاً، يقول جيفري بما يخص عملية عسكرية تركية جديدة: «في الوضع الحالي في سورية، لن يكون أي إجراء صائباً، باستثناء عمليات مكافحة الإرهاب على نطاق صغير جداً». فإذاً من حيث المبدأ، لا يعطي جيفري ضوءاً أخضر فحسب لتركيا، بل وتسويغاً وتبريراً عبر توصيف الأمر بأنه «عمليات محاربة إرهاب»، وأما عن كيف يتم فهم «نطاق صغير جداً» فتلك من الألاعيب المعهودة في الخطابة السياسية الأمريكية، والتي يكون كل شيء فيها نسبياً وقابلاً للفهم بطرق شتى، على مبدأ «highly likely» أي الأمر المحتمل احتمالاً كبيراً، ولكن لا دليل عليه... فالنطاق الصغير جداً يمكنه أن يكون 30 كيلومتراً، ويمكنه أن يكون 10 كم أو 100 كم... وسيبقى صغيراً جداً بكل الأحوال!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1101