افتتاحية قاسيون 1041: درس الجولة السادسة...

افتتاحية قاسيون 1041: درس الجولة السادسة...

لم تختلف جولة الدستورية السادسة عن سابقاتها في النتائج النهائية التي كانت صفراً مكعباً.

يتفق المتشددون من الطرفين في جوهر طريقة التعاطي مع النتائج الصفرية للجولة؛ فإضافة إلى الاستمرار بعملية تراشق المسؤوليات التي سئمها السوريون، يذهب طرف النظام إلى أنّ اللجنة ينبغي أن تستمر ضمن الإحداثيات نفسها، وإلى ما لا نهاية، أي يستمرُ بالتعامل معها بوصفها «لعبة سياسية». متشددو المعارضة بدأوا بتعليق نعوات اللجنة والدعوة إلى الانسحاب منها، وكالعادة دون تقديم أي بديل سوى «مطالبة المجتمع الدولي بالضغط».

إذا كانت اللجنة الدستورية قد لعبت خلال السنوات الأربع الماضية، منذ انطلاق فكرة تأسيسها في مؤتمر سوتشي، ومن ثم مع تشكيلها واجتماعاتها، دور غرفة العناية المركزة التي وضعت ضمنها العملية السياسية منعاً لموتها، فإنّ هذا الدور لم يعد ممكناً له الاستمرار ضمن الإحداثيات نفسها، لأنّ المريض بات مهدداً بالموت في غرفة العناية نفسها؛ والمريض هنا ليس العملية السياسية فحسب، بل وسورية التي تعيش تقسيم أمر واقع وكارثة كبرى بكل المقاييس وفي كل مناطقها، ولا تطلع شمس يومٍ جديد إلا والأوضاع أشد قسوة وأكثر تهديداً وخطراً، رغم كلّ محاولات التبجح الفارغ للمسيطرين في مختلف المناطق السورية.

نتائج هذه الجولة، جاءت مؤكدةً لما سبق أن قلناه مراراً حتى مما قبل تشكيل اللجنة، وإذا كان واضحاً بالنسبة لنا أنّ الطرفين المتشددين يقومان منذ البداية بمحاكاة حركة، وليس بحركة فعلية، فإنّ دويّ انفجار الاجتماع الأخير، وبعد كل الجهود التي بذلت لإنجاحه، قد وصل إلى كل الأصقاع، وحسم أية تكهنات أو توقعات أو مراهنات سابقة، ووضع على طاولة التنفيذ مسألة تغيير إحداثيات عمل اللجنة، وليس فقط «منهجية» عملها.

 

الإحداثيات الجديدة المطلوبة لإنهاء حالة محاكاة الحركة، والانتقال إلى الحركة الفعلية نحو الحل السياسي، تتلخص برأينا في ما يلي:

أولاً: تثبيت وضع اللجنة الدستورية بوصفها جزءاً من حزمة الحل المتكاملة التي ينص عليها القرار 2254، وعلى رأس تلك الحزمة مسألة التوافق على جسم الحكم الانتقالي بأبعاده الثلاثة: تعريفه، صلاحياته ومصدره، شخوصه.

ثانياً: في ظل النوايا الغربية الواضحة لإطالة أمد الأزمة بالتوازي مع العمل المكثف على ما يسميه الغرب «تغيير سلوك النظام»، والذي لا يعني، لا «انتصاراً»، ولا «إعادة تأهيل»، كما يزعم البعض من المتشددين، بل يعني بالضبط العمل على اقتلاع سورية من موقعها التاريخي المعادي للصهيوني، وأكثر من ذلك فإنّه يعني اقتلاعها مع إبقاء تقسيم الأمر الواقع... في ظل هذه الأعمال والنوايا الواضحة، فإنّ على ثلاثي أستانا أن يرتقي بدوره نحو مساعدة السوريين بشكل مباشر على تنفيذ القرار 2254، وأن يستعين بالصين لتجاوز الابتزاز الغربي المتعلق بالعقوبات وإعادة الإعمار، مرةً وإلى الأبد.

ثالثاً: بما يتعلق باللجنة نفسها، فإنّ إحداثياتها الداخلية تحتاج إلى ثلاثة تغييرات: 1- تعديل التركيبة بحيث تضم السوريين المستبعدين. 2- نقل أعمال اللجنة إلى دمشق بوجود الضمانات اللازمة من الأمم المتحدة. 3- بث أعمال اللجنة علناً على شاشات التلفزة.

فشل الاجتماع الأخير ينبغي أن يكون درساً وحافزاً، للسوريين أولاً، وللأطراف الدولية والإقليمية التي لها مصلحة حقيقة في الحل... إذا تم استيعاب هذا الدرس والعمل على أساسه، فسيكون ذلك نتيجة مهمة جداً للجولة السادسة، ومن حيث لا يريد المتشددون...

(النسخة الإنكليزية)

معلومات إضافية

العدد رقم:
1041
آخر تعديل على الأحد, 24 تشرين1/أكتوير 2021 19:36