افتتاحية قاسيون 1037: امتحان الجولة السادسة
تشير المعلومات إلى أنّه قد تم التوافق على عقد الجولة السادسة من اجتماعات اللجنة الدستورية المصغرة، والتي ستتم خلال النصف الثاني من الشهر القادم، يأتي انعقاد هذه الجولة بعد ما يقارب تسعة أشهر من انقطاع اجتماعات اللجنة، وقد جرى ماءٌ كثير خلال هذه الأشهر؛ سواء على المستويات المحلية أو الإقليمية أو الدولية.
أول ما ينبغي لحظه في عودة اللجنة للانعقاد، وربما يكون بذاته أهم نتائجها المسبقة، هو سقوط رهانات المتشددين من الطرفين الذين كانوا يسعون بشكل محموم خلال الفترة المنقضية بعد الاجتماع الأخير، للقفز فوق فكرة الحل السياسي ككل، وللعودة إلى الطروحات السابقة؛ من نمط «خلصت» و«الحسم العسكري»، وأيضاً من النمط الموافق على الضفة المقابلة، والذي يرفض أية مقاربة تدريجية ويصرّ على الحل بـ«الضربة القاضية»، والتي يطلبون من الخارج أنْ يتكفل بالقيام بها!
وإذاً، فإنّ الاجتماع المقبل ضمن هذه الإحداثيات، لا يزال يدور في فلك المهام الأولى التي أدّاها تشكيل اللجنة منذ البداية؛ وهي بالدرجة الأولى الحفاظ على العملية السياسية في غرفة الإنعاش ومنع موتها، وبالجوهر المحافظة على تلك العملية بوصفها تطبيقاً للقرار 2254. وبالدرجة الثانية، بوصفها مفتاحاً يؤمن الحد الأدنى من بناء الحوار السوري المشترك تأسيساً ليس لكتابة الدستور فحسب، بل وأيضاً لتنفيذ مجمل بنود القرار 2254، وعلى الخصوص ما يتعلق بجسم الحكم الانتقالي الذي يحتاج توافقاً سورياً-سورياً حول تعريفه وصلاحياته وتشكيله.
بالنظر إلى النتيجة الصفرية للاجتماعات الخمسة السابقة، والتي ساهم بها المتشددون من الطرفين، فإنّ المطلوب بالدرجة الأولى في الاجتماع القادم هو عدم تكرار السلوك المعطل والمعيق وغير المسؤول الذي تمت ممارسته خلال الجولات الماضية.
الجديد في هذه الجولة، وضمن الإحداثيات الدولية الجديدة، بما في ذلك الحوار الروسي الأمريكي، وعمليات الانسحاب الأمريكية المتتابعة من الشرق الأوسط، إضافة إلى وصول الكارثة السورية إلى مستوى غير مسبوق في شدتها وفي تدميرها للسوريين في كل مناطق وجودهم... الجديد هو أنّ من سيستمر بممارسة العرقلة والتعطيل في هذه الجولة، سواء بالأساليب التي باتت معروفة أو باختراع أساليب جديدة، فإنه سيحكم على نفسه بالخروج من العملية السياسية ككل، وبالحد الأدنى فإنه سيهمش نفسه ضمن تلك العملية.
عودٌ على بدء، فإنّ الدستور هو أحد البنود المهمة ضمن 2254، ولكن تنفيذه لا يمكن أن يكتمل دون المباشرة بتنفيذ البنود الأخرى. وهذه العملية تحتاج إلى تضافر عاملين: دولي-إقليمي يتعلق بالتفاهمات التي يمكن إنجازها، وضمناً الدور المطلوب من ثلاثي أستانا في هذا الإطار، وهو الدور الذي بات بحاجة إلى نقلة نوعية يتجاوز فيها العتبة التي وصل إليها ووقف عندها منذ ما يقرب العام. وداخلي يتعلق بمدى قدرة الوطنيين من كل الجهات على توحيد قواهم وجهودهم لكسر إرادة المتشددين وتجار الحرب والفاسدين الكبار الذين لا مصلحة لهم بإنهاء الكارثة، والذين تدفعهم شهوتهم للنهب وللحفاظ عليه إلى محاولة التمسك بالتوازن الدولي القديم، وبالغرب تحديداً، بكل ما يحمله ذلك من مزالق شديدة الخطورة بالأبعاد المختلفة، وعلى رأسها البعد الوطني...
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1037