افتتاحية قاسيون 1034: لا للتهجير بكل أشكاله

افتتاحية قاسيون 1034: لا للتهجير بكل أشكاله

ما تزال الأزمة بجانبها المستجد في محافظة درعا السورية قائمةً دون الوصول إلى حلول. وباتت هذه الأزمة بحد ذاتها شاهداً إضافياً ليس على وضعٍ خاص في جزء من سورية، بل وعلى الوضع السوري العام منذ سنوات طويلة؛ حيث يتكثف الوضع في أنّ كل أزمةٍ جديدةٍ تظهر - ابتداءً من الأزمات المعيشية المزمنة بأشكالها المتعددة، ووصولاً إلى الأزمات الأمنية والسياسية والاجتماعية- تضافُ إلى سابقاتها وتبقى معلقة دون حل، بل وتزداد شدة مع مرور الوقت.

التأزم المزمن هذا، والمتعدد ومتنوع الجوانب والأبعاد، يعيد التأكيد على حقيقةٍ سابقةٍ حتى على 2011، وهي أنّ الفضاء السياسي القديم– وضمناً بنى النظام القائم- قد بات متخلفاً عن متطلبات الواقع، ولم يعد قادراً على إنتاج حلولٍ للمشكلات العميقة للمجتمع، الصغيرة منها والكبيرة.

 

وهذا بدوره يعيد التأكيد أيضاً على أنّ مسألة خروج سورية من أزمتها الكارثية المستجدة، وأزماتها المتراكمة، لم يعد ممكناً بحال من الأحوال، عبر إصلاحات ترقيعية من هنا أو هناك، (ناهيك عن أن هذا النوع من الترقيع لم يعد يمارس أصلاً). الخروج من الأزمة بات مقروناً بولادة الفضاء السياسي الجديد، وبتغيير جذري شامل اقتصادي- اجتماعي وسياسي.

وباب هذا التغيير في ظل حالة تقسيم الأمر الواقع وفي ظل التشابك الدولي والإقليمي، وفي ظل وجود قوات أجنبية على الأرض السورية (مع اختلاف أدوارها)، بات يمر حصراً عبر حل سياسي شامل يعيد توحيد الشعب السوري والأرض السورية، ويضع الأساس لخروج كل القوات الأجنبية مع بدء الحل، وعلى رأسها قوات الاحتلال الصهيوني.

بالعودة إلى درعا، فإنّه قد ظهر خلال الأيام القليلة الماضية، حديث عن احتمال تهجير جماعي لأهالي درعا البلد بوصفه «حلاً» للأزمة المستجدة!
إنّ تهجيراً من هذا النوع، لن يكون إلا أزمة جديدة تضاف إلى جبل الأزمات القائم. وأكثر من ذلك، فإنه سيكون تخريباً مباشراً للاتجاه العام نحو إنجاز التفاهمات اللازمة لبدء الحل السياسي في البلاد عبر تطبيق القرار 2254، وسيكون تخريباً مباشراً أيضاً لما تمكن مسار أستانا من إنجازه حتى الآن.

إنّ تقاطع رغبات المتشددين لم يعد أمراً جديداً، ولكنّ تحقق تلك الرغبات بشكل جزئي فيما مضى، لم يكن نتاجاً لتقاطع هذه الرغبات، بل نتاجاً لظرف دولي محدد ولمهمات محددة كانت واجبة الإنجاز في مرحلة سابقة ضمن الإطار العام لمنع انهيار جهاز الدولة، وليس النظام. واليوم بتنا في ظرف مختلف تماماً، وبات البحث عن حلول عسكرية للأزمات المتراكمة، تعميقاً لها وتهديداً وجودياً للبلاد بأكملها.

إنّ من حق أهل درعا أن يبقوا في أرضهم، ومن حقهم على الأطراف السياسية السورية والدولية أن تساعدهم في إيقاف معاناتهم والوصول إلى حلول مؤقتة تبقيهم في أرضهم أعزاء ومكرمين، إلى حين يبدأ الحل الشامل عبر القرار 2254، والذي تكمن وظيفته الأساسية ليس فقط في استعادة وحدة البلاد أرضاً وشعباً وإخراج القوى الأجنبية منها، بل وأيضاً في تأمين ظروف مناسبة لا لتهجيرٍ جديد، بل لعودة المهجرين سابقاً، وكذلك البدء في عملية التغيير الجذري الشامل المستحق، والذي سيكفل وحده الحفاظ على وحدة سورية وكرامة شعبها...

 

(النسخة الإنكليزية)

 

معلومات إضافية

العدد رقم:
1034
آخر تعديل على الإثنين, 06 أيلول/سبتمبر 2021 00:05