د. جميل: تعطيل الحل بات بالدرجة الأولى متعلقاً بالمتشددين وتجار الحرب

د. جميل: تعطيل الحل بات بالدرجة الأولى متعلقاً بالمتشددين وتجار الحرب

أجرى بودكاست جسور حواراً إذاعياً مع د. قدري جميل، أمين حزب الإرادة الشعبية ورئيس منصة موسكو للمعارضة السورية حول آخر المستجدات السياسية المتعلقة بالحل السياسي وبالتصعيد الجاري في الجنوب السوري، وفيما يلي تنشر قاسيون نص الحوار...

بحكم موقعكم في المعارضة السورية كيف تقرؤون مشهد التصعيد الكبير في درعا مؤخراً من هو المستفيد ومن الخاسر من هذا التصعيد؟

الخاسر هم كالعادة عامة السوريين الفقراء والمنهوبين والمقموعين من كل الأطراف. أما الذين يحاولون الاستفادة من هذا التصعيد وأصحاب القرار فيه، فهم المتشددون من كل الأطراف، والمتشددون في النظام بشكل خاص، والذين يعتقدون أنّ الطرق والأدوات التي جرى استخدامها سابقاً لتعطيل السير نحو تنفيذ القرار 2254، يمكن أن يعاد استخدامها مرات ومرات جديدة.

برأيكم هل معيقات التسويات السياسية السورية في عموم سورية وكذلك عطالة المسار السياسي هي لأسباب موضوعية تراكمية أو بسبب المصالح الإقليمية والدولية المتعارضة حول سورية؟

إذا نظرنا إلى السنوات العشر الماضية كمجمل، فإنّ المعوقات هي مزيج من الأسباب التي ذكرتها، ولكن يمكن القول إنه في السنوات الأخيرة أصبح العامل الذاتي المتعلق بمصالح المتشددين من الأطراف السورية هو المعيق الأساسي، لأنّ القرار 2254 قد وفّر الأرضية التي يمكن بناء الحل عليها، وهذه الأرضية توسعت وأصبحت أكثر ثباتاً بفعل مسار أستانا، ومؤخراً أصبحت إمكانية الشروع بالحل إمكانية كبيرة بعد بداية التوافق الروسي الأمريكي... كل هذا يدفعنا إلى القول إنّ تعطيل الحل بات بالدرجة الأولى متعلقاً بالمتشددين وتجار الحرب في النظام وفي المعارضة، والذين يسترزقون من عذابات الناس ويخشون صوت الشعب السوري ويخشون عملية التغيير الجذري الشامل التي سيفتح الحل السياسي الباب نحوها.

بحسب موقفكم الصريح بضرورة الانتقال السياسي في سورية ونظرتكم للانتخابات الرئاسية على أنها خارج المسار السياسي، ما هو تقييمكم للدور الإيراني في تعطيل الحل السياسي، وما هو دور روسيا في ذلك إذا افترضنا أن النفوذ الإيراني هو أحد أهم معيقات التفاهمات الإقليمية والدولية في القضية السورية؟

الدول الإقليمية المختلفة تحاول أن تحقق مصالحها في سورية وعبر سورية وإيران هي إحدى تلك القوى، ولكن علينا أن ننتبه إلى أنّ هنالك من يسعى إلى تصوير الصراع في سورية وكأنه صراع طائفي، على الطريقة التي اشتغل فيها الأمريكان والصهاينة على إشعال العراق. يضاف إلى ذلك أنّ هنالك من يحاول التغطية على الدور الصهيوني في الوضع السوري، وهو دور تخريبي شديد الخطورة، وضمن هذه المعادلة يحاولون إعادة توجيه العالم العربي لتكريس حالة عداء تناحرية بينه وبين إيران، وللأسف يجري استخدام بلادنا كجزء من هذه المعادلة. في نهاية المطاف الحل يقتضي خروج كل القوات الأجنبية وعلى رأسها القوات «الإسرائيلية» المحتلة، وإعادة بناء علاقات سليمة مع كل دول المنطقة بما فيها إيران وتركيا (اللتان هما جزء من مسار أستانا لحل الأزمة السورية) وكذلك مع دول الخليج العربي. الاستثناء الأساسي سيبقى هو الكيان الصهيوني الذي كان ولا يزال العدو الأول للشعب السوري بأسره، وبتياراته المختلفة... وإعاقات الدول الإقليمية المختلفة يمكن في النهاية احتواؤها عبر التوافق الدولي من جهة وعبر توافق الوطنيين السوريين فيما بينهم من جهة أخرى.
بالنسبة للقسم من سؤالك المتعلق بالانتخابات الرئاسية الأخيرة، فنحن لم نشارك فيها لا تصويتاً ولا ترشيحاً، وأقتبس هنا من البلاغ الذي أصدره حزبنا بشأن هذه المسألة بتاريخ 3 أيار 2021: «لا علاقة نهائياً بين انتخابات 26 من الشهر الحالي وبين القرار 2254 والانتخابات التي ينص عليها. وأيّة محاولة لإدغام هذه بتلك هي محاولة لا قيمة لها ولن تنجح، فالانتخابات المنصوص عليها في 2254 هي انتخابات تقوم على أساس دستوري جديد يتفق عليه السوريون، وضمن ظروف ملائمة تشمل كل السوريين في كل أماكن وجودهم...»

اسمح لي دكتور أن أختم هذا الحوار بسؤال أخير: هل ينجح النظام في إعادة إنتاج نفسه رغم أنه لم يختلف سلوكه عن ما قبل 2010، وهل ترى هناك خارطة طريق للحل في سورية في ظل تعقيد المشهد السوري؟

إعادة إنتاج النظام هي مهمة مستحيلة التحقيق، لأنه لا يمكن العودة بالزمن إلى الوراء، ومن يحلم بهكذا أحلام فهو واهم.
خارطة الطريق المرسومة في 2254 هي خارطة الحل، وتبدأ بتشكيل جسم الحكم الانتقالي. المطلوب هو أن يتوافق السوريون فيما بينهم على تعريف ذلك الجسم، تعريف صلاحياته، وطريقة تشكيله بحيث يؤمن انتقالاً سلساً نحو المستقبل. ما يجري من توافقات خلال هذه الفترة حول آلية تنفيذ 2254 هو بداية الطريق العملي لتنفيذ هذه الخارطة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1032
آخر تعديل على الإثنين, 23 آب/أغسطس 2021 23:26