افتتاحية قاسيون 1031: ماذا يعني تحرير الجولان؟

افتتاحية قاسيون 1031: ماذا يعني تحرير الجولان؟

رغم أنّ هنالك من سعى طوال السنوات العشر الماضية إلى تغييب قضية الجولان السوري المحتل من مشهد الأزمة السورية، إلا أنّ وقائع الأمور خلال هذه السنوات والعقود الطويلة التي سبقتها تعيد التأكيد على أنّ هذه المسألة جوهرية في الشأن السوري ككل.

لم يكن احتلال الجولان السوري مجرد استنزاف مستمر بكل الاتجاهات للدولة السورية، بل وكان أيضاً عاملاً مؤسساً في طبيعة النظام السياسي القائم، وصولاً إلى تلطي المتشددين والفاسدين الكبار وراء شعار «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة» لتضخيم المؤسسات الأمنية وإضعاف الحركة السياسية وتوسيع السيطرة على المجتمع والاقتصاد، وتالياً، توسيع النهب وضرب النمو والتنمية.

إنّ استمرار احتلال الجولان السوري سيعني استمرار الأزمة، وتحريره بات جزءاً أساسياً من إنهاء هذه الأزمة وإرساء الاستقرار، وفي إطار القرارات 2254 و242 و338. الظروف الموضوعية ابتداءً من التوازن الدولي الجديد ومروراً بالوضع الإقليمي، كلها باتت تشير إلى أنّ مسألة استعادة الجولان السوري المحتل ستكون بالضرورة جزءاً من الحل القادم. ولكن ما ينبغي الانتباه إليه، هو أنّ هذه الاستعادة ينبغي أن تكون مرتبطة ارتباطاً عضوياً بالموقف من القضية الفلسطينية، أي مرتبطة أيضاً بالموقف من المشروع الصهيوني ككل؛ لأنّ الدرس التاريخي الذي اختصره الشاعر والمناضل المصري الراحل أحمد فؤاد نجم بجملة واحدة، لا يزال صحيحاً تماماً، وذلك حين قال: «ربحنا سينا وخسرنا مصر». يمكن تكثيف الظروف الموضوعية التي أشرنا إليها آنفاً، وما تطرحه من سيناريوهات في هذا الشأن، بالنقاط التالية.

أولاً: إنّ التراجع والانسحاب الأمريكي من منطقتنا ككل، هو تراجع وانسحاب لمجمل المشروع الغربي. ولما كان الكيان الصهيوني ومنذ نشأته ممثلاً أساسياً لهذا المشروع، فإنّه سيخضع للتراجع نفسه.

ثانياً: مؤشرات ارتفاع التناقض بين روسيا والكيان حول سورية باتت علنية، وباتت موضع درس معلن من مراكز الأبحاث «الإسرائيلية»

ثالثاً: حتى التناقض بين الاتجاه الانسحابي الأمريكي، وبين مصالح الكيان، بات معلناً ومثاراً لنقاشات يومية.

رابعاً: بهذا المعنى، فإنّ الصهيوني سيحاول بيع ما لا يملك، أي بيع الجولان لأصحابه، مقابل ضمان رسمة معينة لسورية المستقبل، تكون استمراراً لحالة الاستنزاف المستمرة منذ عقود، بحيث تبقى سورية المستقبلية مقيدة وغير قادرة على نهوض جدي بمختلف المعاني، وعلى رأسها الاقتصادي.

خامساً: إذا كانت كل سيناريوهات الحل السوري تتقاطع في استعادة الجولان السوري المحتل، فإنّ الحل الحقيقي الوحيد هو ذاك الذي يستند إلى تسوية وتوافقات علنية بين السوريين أنفسهم على أساس القرار 2254، وليس أي نمط آخر من «الترتيبات» و«الصفقات»؛ لأنّ التوافق بين السوريين نحو بناء نظام وطني جديد هو المدخل الوحيد نحو استقرار حقيقي لسورية، وهو المدخل أيضاً نحو استقرار المنطقة ككل، وتالياً، نحو إنهاء مخطط الفوضى الأمريكية في هذه المنطقة بأدواته المختلفة، وهو ما يتوافق مع مصلحة القوى الدولية الصاعدة.

ما يجب أن يكون واضحاً للجميع، أنّ خروج سورية من الكارثة، والمضي على طريق استعادة وحدتها ووحدة شعبها وسيادتها على أراضيها كاملة وضمناً خروج كل القوات الأجنبية منها وعلى رأسها الصهيوني، هذا كلّه وإنْ كان يمر عبر توافق بين السوريين فيما بينهم، إلا أنه يمر بالضرورة عبر كسر المشروع الغربي- الصهيوني في سورية وليس عبر الخضوع له... فكما يقول كيسينجر: (أن تكون عدوا لأميركا، فذلك يمكن أن يكون أمراً خطيراً. ولكن أن تكون صديقا لها فهو أمر قاتل)

(النسخة الإنكليزية)

معلومات إضافية

العدد رقم:
1031
آخر تعديل على الإثنين, 16 آب/أغسطس 2021 00:04